الدعاية بدلًا من التسقيط

آراء 2021/08/04
...

  نجاح العلي  
 
منذ عدة اسابيع سمحت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات للمرشحين على عضوية مجلس النواب لاطلاق حملاتهم الانتخابية، لكن حتى كتابة هذه السطور، لم نلحظ اي حملات انتخابية للمرشحين، سواء في تعليق البوسترات والملصقات والاعلانات الطرقية، او عبر مواقع التواصل الاجتماعي والتي تتطور مع قرب موعد الانتخابات في العاشر من تشرين الاول المقبل الى وعود بتوزيع قطع أراض او تعيينات او تبليط شوارع او اصدار أغان واهازيج، مادحة المرشحين وقادحة بغرمائهم ومنافسيهم وتتكلل في مراحل متقدمة الى تسقيط سياسي عبر الجيوش الالكترونية، ببث اخبار وصور ومقاطع فيديو مفبركة وغير حقيقية، للتاثير في ارادة الناخب في مجتمع يفضل على تناقل ونشر المعلومات المغلوطة على الحقائق والاهتمام بامور ثانوية، بدلا من الاهتمام بالامور الاساسية والرئيسة، مثل السيرة الشخصية للمرشح وبرنامجه الانتخابي وواقعيته وقدرته على تحريك المياه الراكدة في العملية السياسية، التي يتفق اغلب الكتل السياسية التقليدية والمراقبون السياسيون على ضرورة ضخ دماء جديدة في العملية السياسية، وتغيير التركيبة السياسية القائمة على المحاصصة السياسية على اسس اثنية وقومية ومذهبية، لم تسفر طيلة عقدين من الزمن سوى عن التخبط وسوء الاداء السياسي والاداري والخدمي وتهالك البنى التحتية وتراجع المستوى المعاشي للمواطنين وارتفاع نسبة البطالة وضعف خدمات الماء والكهرباء والسكن والصحة وطرق المواصلات وغيرها الكثير، التي ادت الى عزوف اغلب المواطنين عن الذهاب الى صناديق الاقتراع في الانتخابات الماضية.
مفوضية الانتخابات بالتنسيق والتعاون مع هيئة الاعلام والاتصالات كما هو الحال في جميع الانتخابات السابقة تراقب ما تعرضه وسائل الاعلام المسموعة والمرئية في مدى التزامها بلائحة ومعايير الاداء الاعلامي اثناء الانتخابات التي تنص مضامينها على حق المرشحين في استخدام وسائل الاعلام للدعاية لانفسهم وبرامجهم الانتخابية، من دون تسقيط المرشحين المنافسين او التقليل من شأنهم او بث اخبار كاذبة ومفبركة تسيء الى سمعتهم، اما وسائل الاعلام الممولة من المال العام، فهي بحسب القانون ملزمة لاتاحة الفرصة لجميع المرشحين وبالتساوي لعرض برامجهم الانتخابية عبر صحفها ومجلاتها واذاعاتها وفضائياتها.
من المتوقع انه كلما اقترب موعد الانتخابات ستزداد حمى التنافس السياسي عبر وسائل الاعلام وهو امر مشروع وطبيعي في جميع الديمقراطيات في العالم، لكن من المهم ان تتسم مسيرتنا الديمقراطية بالنضج رغم حداثة عهدها بالابتعاد عن التسقيط السياسي والشحن الطائفي والقومي والديني والمذهبي والمناطقي والاثني، والتركيز على البرامج السياسية والخطاب الوطني، الذي بدأ المواطن العراقي يعيه ويستوعبه خاصة بعد احداث تشرين 2019 وما تلاها من تغير في المزاج الشعبي، تجاه العملية السياسية وشخوصها والتغييرات الجوهرية المتوقعة منهم في المستقبل القريب.