الغزو بعد 31 عاما

آراء 2021/08/04
...

 د.صادق كاظم     
        
لسنا بحاجة الى اعادة التذكير بتفاصيل ومبررات الحجج التي قدمها النظام الصدامي الاجرامي لتفسير اقدامه على غزو دولة الكويت، رغم ان النظام وقتها كان يعلم جيدا بأن اعترافه بالكويت كدولة مستقلة واقامته لعلاقات دبلوماسية كاملة معها، 
اضافة الى الموانع الدولية والاقليمية قد كانت كافية لتقنعه بان استباحة الكويت وضمها الى العراق بالقوة امر مستحيل، بل ان النظام ولسبب غير معروف كان يتجاهل خطورة ارتدادات هذا القرار وانعكاساته المستقبلية على العراق نفسه اقتصاديا وسياديا.
لقد كان النظام يتباهى بأن خروجه من الحرب مع ايران وامتلاكه لترسانة ضخمة من السلاح، فضلا عن قوات برية كبيرة سيجعل منه قوة عظمى في المنطقة، ستسمح له بان ينفذ مخططاته واحلامه التوسعية ومحاكاة تجربة هتلر بعد الحرب العالمية الاولى، والذي نجح بعد وصوله الى الحكم في بناء قوة عسكرية ضخمة تستند الى قوة صناعية وبشرية تعدان الاكبر في قارة اوروبا، حيث قرر هتلر شن حروب صغيرة ومتواصلة ضد دول الجوار لاستعادة الاراضي الالمانية المقتطعة، 
والتي تطورت لاحقا الى غزو تلك الدول كالنمسا والتشيك وبولندا، وصولا الى اشعال الحرب العالمية الثانية بعد قيامه بغزو فرنسا، قبل ان ينقلب الموقف لاحقا بهزيمة هتلر وسقوط دولته بالكامل وتقسيم 
المانيا.
بالتاكيد فان الغزو سبب جرحا عميقا في العلاقات العربية – العربية وشكل انتهاكا خطيرا لثوابت النظام الدولي، وهو ما دفع القوى العظمى الى الرد السريع والفوري من خلال اصدار العديد من القرارات، التي طالبت النظام بالانسحاب والتي اصر على تجاهلها، متحديا الارادة الدولية التي اجبرت النظام في النهاية على الانسحاب بالقوة بعد الحاق الهزيمة به وتحرير الكويت من 
الاحتلال.
اليوم وبعد مرور 31 عاما على جريمة الغزو ورغم تعافي العلاقات العراقية الكويتية وزوال حكم النظام البعثي الاجرامي، وتجاوز اثار وجراح الماضي، الا أن هناك بعضا من الاجحاف قد لحق بالعراق، 
نتيجة القرارات الاممية، خاصة المتعلقة بترسيم الحدود بين البلدين والتي ادت الى قضم مساحات كبيرة من الاراضي العراقية والحاقها بالجانب الكويتي، خصوصا في مدينة ام قصر العراقية ورغم ان النظام وقتها اعترف بتلك القرارات واصبحت الان امرا واقعا، الا انه يحسب على الكويتيين ايضا، وهو امر نتمنى ان يستغل بشكل ايجابي من خلال تطوير تلك المناطق الحدودية المشتركة اقتصاديا واقامة مختلف المشاريع فيها، وبشكل ينعكس ايجابا ويسهم في تعميق اواصر الاخوة والتعاون بين بغداد 
والكويت.