اجتثاث الكراهيَّة

آراء 2021/08/07
...

   وجدان عبدالعزيز 
الحقيقة من خلال الفحص الاجتماعي، جاءت معطيات وضعت الشعب العراقي من ضمن الشعوب العاطفية، والشعوب العاطفية غالباً ما يتم التحكم بها عن طريق القال والقيل، لاسيـما اذا عانت من الاضطهاد والتهميش كالشعب العراقي، ما جعلت من الفرد يفقد بعضا من توازن المنطق والسلوك، لترجح كفة العاطفة لديهِ كثيراً، هذه المعطيات المتوفرة، فتحت نوافذ للعازفين تارة على وتر الطائفية القومية العنصرية، وأخرى على وتر الطائفيات الدينية والمذهبية والاثنية والعرقية، والتي جعلت من أبناء البلد الواحد مللا ونحلا متفرّقة، وكل حزب بما لديهم فرحون،
 من هنا لا بد من خلق مسار اخر مضاد، الا وهو الحوار وتأسيس وعي المواطنة وتعميقها بعيدا عن الاثنيات والكراهيات، وخلق قانون يحمي المواطن ويحافظ على المواطنة، لذا جاءت المادة الدستورية المرقمة (14)، ونصت بما يلي: (العراقيون متساوون أمام القانون دون تمييز بسبب الجنس أو العرق أو القومية أو الاصل أو اللون أو الدين أو المذهب أو المعتقد أو الرأي أو الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي)، وهذا تجذير وتثبيت لاحترام المواطنة العراقية بعيدا عن كل امتياز، ومن منطلق مبدأ الحقوق والواجبات الثابت عالمياً، فالمواطنة تعني الفرد، الذي يتمتع بعضوية بلد ما، ويستحق بذلك ما ترتبه تلك العضوية من امتيازات، وفي معناها السياسي، تُشير المواطنة إلى الحقوق التي تكفلها الدولة لمن يحمل جنسيتها، والالتزامات التي تفرضها عليه، ومن مقومات هذه المواطنة ارتباطها بالديموقراطية، وذلك بوصف أن الديموقراطية هي الحاضنة الأولى لمبدأ المواطنة، وفي هذا الإطار تعني الديموقراطية التأكيد على لامركزية القرار، في مقابل اختزال مركزية الجماعة، كما تعني أن الشعب هو مصدر السلطات، إضافة إلى التأكيد على مبدأ المساواة السياسية والقانونية بين المواطنين، وحتى تكون المواطنة فعالة، فمن الضروري أن يتوافر لها قدر من الوعي المستند إلى إمكانية الحوار والحصول على المعلومات من مصادرها المختلفة، بحيث تُصبح هذه المعرفة قاعدة القدرة على تحمل المسؤولية، كما تشكل أساس القدرة على المشاركة والمساءلة، ومن هنا وفرنا المناخ الملائم لاحتضان كل تطلعات المواطن والحفاظ على حقوقه، وهذا التحصيل يبين لنا توفير الاجواء لزرع المحبة واحترام القانون واحترام الاخر، من خلال الحوار وتقبل الرأي والرأي الاخر، وبالتالي محاولة اجتثاث الكراهية، التي لامبرر لها اصلا. اذن لا بد من احترام الدستور كعقد اجتماعي، يؤكد أن المواطنة في الأمة، هي مصدر كل الحقوق والواجبات، وأيضاً مصدر لرفض أي تحيز في ما يتعلق بالحقوق والواجبات وفق أي معيار متمايز، وحتى تتحقق الديموقراطية الكاملة، من تحقيق متلازمة المواطنة مع الديمقراطية، وتوزيع الاقتصادية والاجتماعية وغيرها.