نفق الثاني من آب

آراء 2021/08/07
...

  حسين علي الحمداني
 
الحديث عن يوم الثاني من آب لا يخص العراق وحده رغم إنه تحمل فاتورة أخطاء هذا اليوم، الذي غير الكثير من مسارات التاريخ لأنه أراد أن يغير الجغرافية، التي لا يمكن لأحد المساس بخطوطها تحت أية ذريعة.
فاتورة ذلك كانت باهظة جدا على العراق أولا وعلى المنطقة ثانيا، بالنسبة للعراق التداعيات ما زالت موجودة سواء في الجانب الاقتصادي أو السياسي أو حتى الأبعاد الاجتماعية الخطيرة جدا، والتي كانت الأكثر تكلفة للشعب العراقي بحكم ما ترتب عليها من حصار اقتصادي طويل وقاس في الوقت نفسه، ناهيك عن تردي المستوى المعاشي للشرائح الاجتماعية وغياب الطبقة الوسطى، التي تآكلت بفعل الحصار وما ترتب عليه من نفقات كانت أكثر من طاقة رب الأسرة العراقية.
أما على المستوى الإقليمي فتمثل بتحول دول المنطقة إلى أن تكون ساحة مفتوحة للقواعد الأجنبية، وفي مقدمتها القواعد الأميركية، حيث وجدت هذه الدول إنها بحاجة فعلية لمن يحميها من أية عملية احتلال أخرى قد تحدث مستقبلا. 
وبالتالي وجدنا أن المنطقة شهدت تحولات سياسية وعسكرية وثقافية كبيرة جدا وتحول العراق آنذاك إلى أداة (تخويف) استخدمتها أميركا وحلفاؤها من أجل استنزاف موارد دول المنطقة عبر القواعد العسكرية من جهة وصفقات الأسلحة الكبيرة من جهة أخرى، خاصة وسط إنفراد أميركا بقيادة العالم بعد انهيار الإتحاد السوفيتي وتحوله إلى مجموعة دول أغلبها انضم للتحالف مع واشنطن والغرب.
لهذا يمكننا القول إن يوم الثاني من آب 1990 هو النفق المظلم جدا الذي دخله الجميع سواء بإرادتهم كما الحال مع النظام السابق أو رغما عنه، كما هو حال الكويت بشكل خاص ودول الخليج العربية بشكل عام،ورغم إن الكويت ودول الخليج ربما تمكنت الخروج من هذا النفق في ما بعد، إلا أننا في العراق بقينا في داخله ننتظر الضوء في نهايته، وهذا الضوء تمثل للبعض منا بنهاية النظام بعد 13 سنة من ذلك، إلا إن هذا التغيير العسكري الخارجي زاد من تعقيد الأمور في بلدنا الذي ظل ينزف دما وكأنه يدفع فاتورة مفتوحة لأخطاء نظام سياسي متهور جر البلد والمنطقة لمتاهات كثيرة.
الشعب العراقي يستحق الحياة وهو أول من رفض غزو صدام للكويت وتمثل بذلك بالانتفاضة الشعبانية في الجنوب العراقي وإن الجميع تجاوز ما جرى في ذلك اليوم القائظ من شهر آب.