التنافس الانساني

آراء 2021/08/07
...

  زهير الجبوري 
في هذه الأيام الصيفية الملتهبة التي نعيشها وتمر كل عام، والتي تجعلنا في أماكننا نمارس هواياتنا في القراءة ومتابعة وسائل الاتصال وبعض الفضائيات، غير صيف هذه السنة تزامن مع مناسبة رياضية معروفة (مسابقات الألعاب الأولمبية في طوكيو2020) التي كان من المقرر ان تقام العام الماضي لولا محنة الوباء، التي أثرت بشكل مباشر في تأجيلها لعامنا الحالي،
وهي في حقيقتها ممتعة من حيث التقاط بعض الأشياء التي تحمل جمالية معينة، حيث جميع الألعاب الرياضية أو جميع الفعاليات الفنية والرياضية تجلعنا في انتباهة كبيرة لما يدور في هذا العالم المليء بالجماليات وبالأشكال المختلفة، المتمثلة في الموضة والأزياء وبعض العادات والتقاليد، وهي بحد ذاتها ثقافة انتجتها عوامل كثيرة وكبيرة، ربما قللت من حدة التواترات والصراعات التي يشهدها العالم في جوانب سياسية واجتماعية واقليمية، كلّها (هويات متمازجة) تعمل على تنافس الجميع بطعم الانسانية.
ما دفعني لكتابة هذه الموضوعة ومقدمتها، ما قام به الرياضي القطري (معتز برشم) حين تحرك بحماس تجاه منافسه الايطالي، الذي ينافسه على الذهب وشجعه كي يقترب من كسر الرقم الذي سجله، وهو الرقم نفسه الذي حصل عليه (برشم)، وفي النهاية كان الذهب لكلا الطرفين، فالرجل الآسيوي الأسمر الذي عانق الرجل الأوروبي الأشقر في نهاية المطاف بعد ان وقفا معا على منصة التتويج والحصول على الذهب اعطى درسا انسانيا مؤثرا، ما الدافع الذي جعله يتصرف بهذا الشكل؟. اعتقد هو الدافع الانساني بالدرجة الأساس، وهنا نتذكر مقولة سيد البلغاء الأمام علي بن أبي طالب (ع) ومقولته الشهيرة (إن لم يكن أخا لك في الدين فنظير لك في الخلق)، فمثل هذه السلوكيات ومثل هذه التوجهات الانسانية، لا بد أن تكون درساً كبيرا لجميع الأمم، فالانسان مخلوق فيه كل النزعات التكوينية الخاصة، لكن النزوع نحو العقل وثقافة الحوار تنتج حياة جمالية تقضي على جميع التراكمات العرقية والقومية، التي يستخدمها البعض في غير مكانها، وبذلك يكون حوار الأمم في المحافل التنافسية في الرياضة وفي المجالات الابداعية الأخرى، حوارا جماليا مهما كانت نتائجه، فالى متى نبقى نشاهد ما تنتجه الشعوب لأناسها ونحن نعيش أزمات متتالية، الا يمكن ان نستفيد من هذه الدروس التي نشاهدها عبر وسائل الاتصال، ولماذا الأزمات عندنا تتكرس في جذور مجتمعنا من غير القضاء عليها، اللهم لطفك ورحمتك.