الابتزاز الالكتروني والتبليغ المبكر

آراء 2021/08/07
...

  ابراهيم سبتي 
 
في السنوات الاخيرة طفت على سطح التقنية الحديثة، حالة شاذة تنتشر في مجتمعنا مصدرها شبكة الانترنت وخاصة برامج التواصل الاجتماعي المجانية المتعددة. انها ظاهرة غريبة ومرفوضة في مجتمعنا، بل انها قد تؤدي بالضحية الى الموت ان لم يحسن التعامل معها وتركها تعلق في مصيدة لا خلاص منها ربما، انها حالة الابتزاز الالكتروني التي تعد من الجرائم التي يبتز فيها احد الاطراف الطرف الآخر بتهديده الصريح والواضح، بنشر صوره اومعلوماته او مقاطع الفيديو الخاصة على شبكة التواصل الاجتماعي، والتي حصل عليها المبتز بطريقة سهلة ومرنة عن طريق خداع الضحية نفسها. وهذا معناه فضيحة مجلجلة تصيبها وتنال من أسرتها بالتأكيد. لذا تختار الضحية راغمة وصاغرة، الامتثال لرغبات الشخص المبتز بجميع الاشكال تبدأ باعطائه الاموال والمصوغات الذهبية وتنتهي بالممارسات اللاخلاقية احيانا، لانها اولا واخيرا تخاف من نشر تلك الصور والمعلومات على العامة وهو ما تخشاه كل فتاة بالتأكيد. بعض الضحايا يفضلن الموت على هذا التنازل. وبنظرة فاحصة لهذه الحالة الغريبة، نجد أن اكثر الضحايا هم من الفتيات وبعض الشباب والرجال وكل منهم يتم تهديده حسب الحالة التي تناسبه. يبدأ الابتزاز بالخديعة والكلام المعسول من قبل المهدد الذي يدعي علاقة حب اواعجاب بالفتاة التي للأسف الشديد سرعان ما تلبي رغباته (البعض منهن) وتنقاد لمكائده. وغالبا ما يتكرر الموقف لعدة مرات فيصبح لدى المبتز الخزين الكافي من الصور والكلام الرومانسي ومقاطع الفيديو، التي سيقوم لاحقا باشهارها بوجه الفتاة المخدوعة هنا تبدأ اول خطوة في عملية الابتزاز. لكن بعض الفتيات يقومنّ باخبار أهلهن، الذين يسارعون غالبا بتبليغ السلطات المختصة، خاصة الشرطة المجتمعية التي تبذل جهدا واضحا في ملاحقة الاشخاص المبتزين وانقاذ الفتيات من شباكهم اللعينة. وايضا ينسحب الامر على بعض الشباب والرجال في خداعهم من خلال الحسابات الوهمية التي يدعي الطرف المتصل بانه فتاة ترغب بالتعارف، واذا به شاب يمثل دورا تمثيليا باتقان وخبرة، في ايقاع ضحاياه من الناحية المالية وغيرها، خاصة عندما يتهدد بنشر المحادثات بالصوت والصورة والكتابة. ان هذه الظاهرة المرفوضة اجتماعيا وخاصة نحن في بلد تحكمه الاعراف والتقاليد التي تحرّم هكذا افعال وترفضها وتشجبها . باعتقادي ان اخبار السلطات المختصة بهذه الافعال مبكرا، سيؤدي الى اخماد الجرم واجهاضه في مكانه، مع الاعتراف بأن الامر يتطلب شجاعة وقوة ارادة وتحمل لكي لا تتطور الحالة الى قتل وانتحار ربما او استنزاف مادي وجسدي لا ينتهي. وهنا يبدأ دور المدرسة والجامعة والأهل ومنظمات حقوق الانسان والالتزام الديني المعروف به المجتمع عامة، بتثقيف الفتيات والشباب بضرورة استخدام شبكات التواصل الاجتماعي، استخداما ايجابيا حسنا ومفيدا، والحذر كل الحذر من الذهاب مع الرغبات الجامحة التي لا تؤدي في النهاية الا الى الندم بعد فوات الاوان. ان الأسرة بصورة خاصة، تقع عليها المسؤولية المباشرة في ارشاد وبذل النصائح والتربية اللائقة لتفادي حصول ما لا يحمد عقباه، وبالتالي تحسب على مجتمعنا المتماسك بان خللا قد حصل وعلى الجميع تحمله.
وحسنا فعل القضاء العراقي حين تعامل مع الطرف المبتز بمواد في القانون العراقي، تعاقب وتردع وتحاسب بشدة كل من يرتكب فعل الابتزاز والتهديد الذي لاحظنا كثرتها في الاونة الاخيرة وهي حالة تظل جديدة على مجتمعنا الذي لا يعرف تلك الاعمال المشينة، والتي نمت وتطورت بسبب تطور وانتشار شبكات التواصل الاجتماعي اضافة الى سهولة الحصول على الاجهزة الالكترنية، التي تنطلق منها تلك الافعال . ومما لا شك فيه ان بعض الوقاية والحلول متوفرة لدى الضحية نفسها حال تعرضها للابتزاز، فقيامها بالتبليغ المبكر دون خوف سيحول دون تطور الحالة. التبليغ هنا متوجه للأسرة اولا وبالتالي كتحصيل حاصل تُبلغ الشرطة المجتمعية التي تمتلك من الوسائل ما هو كاف، لكشف موقع المبتز والقبض عليه قبل ان يقوم بفعله الدنيء. 
إن المجتمع يتكاتف بالتأكيد امام هذه الحالة المرفوضة وقد لا تترك اية فتاة اوشاب او رجل دون ان يتعرض لشيء من هذا الابتزاز الذي ربما يكون تهديدا مباشرا او تسريب معلومات ليس بالضرورة ان يعرفها العامة وهكذا.. انها معركة حامية ضد المتطفلين الذي يبتكرون الاساليب المخادعة والماكرة للايقاع بالفريسة، التي للاسف الشديد تمنح ثقتها منذ اول اتصال وهي تسمع الكلام المنمق والتمثيل البارع الذي يجبرها على التصديق. نهيب بالأسرة الكريمة والمدرسة والجامعة ومنظمات حقوق الانسان بأن تبادر الى تثقيف الشباب حول مضار منح الثقة المطلقة والزائدة للمتصل الغريب، قبل معرفة نواياه.. انها مهمة الجميع بلا شك.