محمد صالح صدقيان
استكملَ الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي متطلبات تسنمه للرئاسة الإيرانية بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية بأدائه اليمين الدستورية يوم الخميس الماضي في مراسم حرصت إيران علی أن تكون تظاهرة دولية سياسية بمشاركة عدد من رؤساء الجمهورية في دول صديقة ووزراء خارجية ورؤساء برلمانات وهيئات سياسية ودبلوماسية من أجل مواجهة الضغوطات الكثيرة التي تحاول الولايات المتحدة ومعها إسرائيل ممارستها ضد الحكومة الإيرانية الجديدة.
الرئيس إبراهيم رئيسي كان موفقاً في “خطاب القسم” الذي ألقاه أمام ضيوف إيران الأجانب، أشار فيه إلی رغبته ورغبة إدارته في تعزيز العلاقات مع المحيطين العربي والإسلامي في الوقت الذي لم ينس التأكيد علی سلمية البرنامج النووي الذي يقلق الخارج الإيراني، وهو ما أعطی الانطباع علی رغبته في الاستمرار بمباحثات فيينا النووية من أجل التوصل الی إحياء الاتفاق النووي وإلغاء العقوبات المفروضة علی إيران. أن أبرزالتحديات الحقيقية التي تواجه سياسة الحكومة الجديدة في المحيط الإقليمي وتحديداً مع دول المنطقة فان علاقة إيران لا تحسد عليها خصوصاً مع دول مجلس التعاون الخليجي، ونريد أن نضع تصوراً لعلاقة المستقبل منطلقاً من علاقة الماضي.
وزارة الخارجية الإيرانية لم تضع دول المنطقة بما يجب في إطار مباحثاتها النووية مع الدول الغربية التي بدأتها منذ تسلم الرئيس روحاني مقاليد الرئاسة في العام 2013؛ حيث كانت تعتقد أنها تتحدث مع “المختار” كما عبر عنه الرئيس روحاني وهي إشارة للولايات المتحدة، وعندما يتم الاتفاق مع هذا “المختار” فان جميع “أهل الحي” سيخضع صاغراً. للأسف لم يكن “المختار” مسؤولاً عندما انسحب من الاتفاق الذي تم التوصل إليه في الوقت الذي شعر فيه “أهل الحي” أنهم مهمشون؛ وأن الاتفاق الذي تم مع أحدهم لم يكن “اتفاقا جيدا” ولذلك انظموا للمختار الجديد الذي قال إنه “اتفاق سيئ”. يبدو أن دول المنطقة التي عانت من أزمات وحروب ومنغصات أمنية وسياسية يجب أن توضع في أطر تفكير الجمهورية الإسلامية من أجل إعطائها الثقة إذا كانت العلاقة معها في أولويات السياسة الخارجية الإيرانية، وأن تجاوزها أو تهميشها لا يمكن تعزيز الثقة معها. العلاقة مع دول الجوار “أمن قومي” وتعزيز هذه العلاقة هي تعزيز للأمن القومي الإيراني كما أنه تعزيز للأمن الإقليمي الذي تحرص إيران علی دعمه. في الأمن الإقليمي أيضاً تدخل قضية أفغانستان التي تحتاج الی تفرغ لأن التطورات لم تنته بعد وهي مرشحة لجميع الاحتمالات. التحدي الآخر أن علاقات إيران مع المحيط الدولي تعتمد في أغلب الأحيان علی علاقة الجانب الآخر مع الولايات المتحدة، نأخذ مثلاً الصين التي اكتملت مسودة الاتفاقية الستراتيجية المحتمل توقيعها في ولاية الرئيس إبراهيم رئيسي. ما مصير هذه الاتفاقية علی ضوء العلاقة الأميركية الصينية؟ ماذا لو تحسنت هذه العلاقة؟ ماذا لو وضعت الاتفاقية في إطار المساومة بين بكين وواشنطن؟ الأمر كذلك مع روسيا. ما نريد قوله هو ان مثل هذه العلاقات غير مستدامة وهي في حقيقة الأمر تحد آخر يواجه الرئيس رئيسي.
نعلم أن أوراق إيران ليست قليلة في هذه العلاقات لكنها تبقی من التحديات التي تواجه الحكومة الإيرانية الجديدة.
هناك تحد آخر وهو المباحثات مع المجموعة الغربية، هذه المباحثات انتهت لطريق غير مشجع بعد إصرار الجانب الأميركي علی فرض شروطه ولا نعلم إن كان يرغب السير بخطوات إيجابية لتعزيز الثقة مع الجانب الإيراني في عهد الرئيس رئيسي، لكننا نعلم أن الحكومة الإيرانية الجديدة غير مستعدة لتقديم تنازلات تمس أمنها ومصالحها الوطنية والقومية وهي تسير مع واشنطن بخطوة مقابلة خطوة إيجابية كانت أم سلبية.