الميداليَّة اليتيمة

آراء 2021/08/08
...

  حسن السلمان 
انتهت أو كادت  دورة الالعاب الاولمبية في طوكيو ان تنتهي وهو حدث رياضي عالمي فريد يقام كل أربعة اعوام. ولاشك أن المشاركة في مثل هكذا حدث رياضي يعد شيئاً في غاية الأهمية على مستوى تمثيل الدول والتعريف بها، خصوصاً عندما ينال أحد رياضييها وساماً أولمبياً بغض النظر إن كان ذهبياً، أم فضياً، ام برونزياً، 
 
فالمهم ارتقاء منصة التتويج، وارتفاع علم الدولة في سماء الأولمبياد وعزف نشيدها الوطني. فلا شك أن الرياضة شأنها شأن الثقافة والفن بكل صوره ومسمياته تعد مرآةً عاكسةً لصورة البلد الحضارية والتعريف به جيوثقافياً، إذ تتنافس الدول تنافساً محموماً لاستضافة مثل هكذا مناسبات رياضية كبيرة، وتنفق الأموال الطائلة كي تقام على أراضيها لما تمثله هذه المناسبات الرياضية من فرصة ذهبية اعلامية للتعريف بماوصل إليه البلد المستضيف من تقدم ورقي وتطور. 
في هذه الأيام، ونحن نشاهد الفعاليات الرياضة لدورة الألعاب الاولمبية، الكثير منا سمع ولأول مرة بدولٍ لم يسمع بها من قبل، وذلك عندما استطاع رياضيوها الفوز بوسام أولمبي، مثل دولة برمودا وتونجا وبعض الدول الصغيرة المغمورة التي لا يعدو بعضها أن يكون مجرد جزر متناثرة في عرض المحيطات والبحار مثل جزر البهاماس وهاييتي، بل إن الكثير من الدول العربية التي كانت بالأمس القريب مجرد صحارٍ وقفارٍ وخرائب ولا تعرف شيئاً اسمه «رياضة»، استطاعت، وبأوقاتٍ قياسية، أن تحصل على أكثر من وسام 
اولمبي، بينما بلد مثل العراق له ثقله الحضاري والتاريخي والبشري والاقتصادي، والموقع الجغرافي الستراتيجي لم يستطع الحصول إلا على ميدالية اولمبية برونزية يتيمة في دورة روما عام 1960 على يد الرباع عبد الواحد عزيز!!. 
أي نحن وعلى امتداد واحد وستين عاماً لم نستطع الحصول على أي ميدالية أخرى!!. 
وبطبيعة الحال الحديث ذو شجون، والأسباب عديدة، وأهمها عدم ايلاء الرياضة الأهمية والاعتبار وعلى امتداد جميع انظمة الحكم التي توالت على العراق، فلا بنى ومنشآت رياضية تحتية متطورة، ولا اهتمام ورعاية فعلية للرياضيين. فوزارة الرياضة، شأنها شأن وزارة الثقافة، تعد وزارة غير سيادية!! كما لو أنها وزارة «فائضة عن الحاجة» أو وزارة تكميلية لبقية الحقائب الوزارية، عادةً ما تخصص لها أقل التخصيصات المالية في الموازنات السنوية العامة، وتعزف عن استلامها اغلب الأحزاب والكتل السياسية التي تتقاتل على الوزارات السيادية كالدفاع والمالية والخارجية، وكأن السيادة فقط أسلحة وأموال وعلاقات 
خارجية!!. 
إن لم تتغير هذه النظرة القاصرة إلى الرياضة ومؤسستها الحكومية، وتولى الأهمية والاعتبار بوصفها واجهة وطنية لا تقل شأناً عن بقية الواجهات، ستبقى رياضتنا مجرد رياضة بالاسم، وستبقى ميدالية عبد الواحد عزيز يتيمة حتى عقودٍ قادمةٍ طويلة.