انهيار الامبراطوريات والرغبة في خلافتها

آراء 2021/08/10
...

  كاظم الحسن 
 
حين كانت بوادر انهيار الاتحاد السوفيتي ومنظومة المعسكر الاشتراكي التي تسير في فلكه، تلوح في الافق كان كثير من دول العالم، قد ادركت اللعبة السياسية واعدت نفسها لهكذا متغيرات كونية وحاولت على قدر الامكان، جني ثمار هذا التحول العالمي، او على الاقل تفادي تداعياته المؤلمة وانقاذ ما يمكن انقاذه في هذه الفترة الحرجة، من حياة الامم. اما الدول التي تعيش أوهام القوة والنصر والبطولة الكاذبة، فلقد سرحت بعيدا في خيالها، الى الحد الذي تصورت فيه انها سوف تشغل وتخلف المكان الشاغر (القطب العالمي الغائب)!.
ومن سخرية القدر والتاريخ ان الشريف حسين في العشرينيات من القرن الماضي وبعد موت {الرجل المريض} اي نهاية الخلافة العثمانية، حاول اعادتها الى الحياة حتى لو كانت ضمن الاطار العربي وتناسى امارته على نجد والحجاز التي ذهبت الى آل سعود، حيث كان للقدر فعله ورياح التاريخ لها صولتها وقولها الفصل، بعيدا عن الامنيات والرغبات وخسر الامارة على ما بات يعرف بالمملكة العربية السعودية، اي انه خسر الامال الكبيرة والصغيرة على حد سواء.
 ومن الغريب أن دولا كبرى مثل الصين واليابان والهند، لم تفكر في مغامرة كهذه. فماذا جرى لبعض الدول العربية، لكي يجنح خيالها الى مثل هكذا افكار بعيدة المنال وغير واقعية؟. 
فهذه الدول اي دول الخلافة، لم تنجح في اي مضمار ولجت فيه. فما زالت تعيش الرطانة السياسية والثقافية والفكرية وتخشى مراجعة النفس ومواجهة الحقيقة واكتشاف الأخطاء واخذ العبر والدروس، من اخطاء الماضي. فكرة الخلافة المثالية وصورها الرومانسية اعطت زخما للعصابات الارهابية، حتى جعلت قادة هذه العصابات تمنح انفسها تسميات خاصة، ترتبط بحقبة تاريخية معينة من تاريخ الاسلام لكي تسبغوا عليها هالة قدسية براقة وتكسب، الشباب المغرر بهم باسم تاريخ مزيف وحتى مكان خلافة داعش المزعومة، هو مكان اشار اليه داعية اسلامي في مطلع العشرينيات من القرن العشرين وهو محمد رشيد رضا، حيث اختار الموصل كمكان مثالي لتطبيق هذه الفكرة، لانها تقع بين العرب والاتراك وهذا ما عملت عليه داعش بعد سيطرتها على الموصل واتخاذها عاصمة لما تسمى الخلافة الاسلامية، وصدقت هذه الخرافة لكي تقوم بالسلب والنهب والقتل والسبي وتدمير هذه المحافظة واثارها وجعلها انقاضا. وهكذا مثل هذا التفكير الماضوي يجلب الخراب والدمار على الشعوب، التي ترزح تحت هذه العصابات المجرمة والتي لا تصلح للعيش في هذا الزمان الحديث.