الحاكم الحازم والحل الحاسم

آراء 2021/08/10
...

 حسين الصدر 
 
- 1 -
الحاكم الحازم لا يترك أعوانه وأصحابه يعيثون فساداً في البلاد، ويتصدى – وبكل حزم - لِمَنْ يتجاوز الحدود ويعتدي على الناس.
واذا رآى الناسُ المسؤولَ الكبير يحاسب أقرب المقربين اليه على ما يصدر منه من تجاوزت على المواطنين يعظم في أعينهم وتكون له هيبة خاصة.
- 2 -
وفي التاريخ أخبار كثيرة عن أولئك الذي اتسموا بالحزم ولم يستثنوا المحسوبين عليهم من المساءلة عن سوء أفعالهم.
- 3 -
ومنهم على سبيل المثال:
(أبو النجم الكردي) – بدر بن حسنويه – (ت 405) والي الجبل المعيّن من قبل عضد الدولة:
فقد اجتاز يوما برجل محتطب وقد حمل الحطب على ظهره وهو يبكي فقال له:
انّي ما استطعمتُ البارحةَ طعاماً، وكان معي رغيفان أريد أن أتغذى بهما، وأبيع الحطب، وأتقوت بثمنه أنا وعيالي،
فاجتاز بي أحد الفرسان فأخذ الرغيفين، فقال:
هل تعرفه؟
قال:
بوجهه، فجاء به الى مضيق فوقف معه حتى اجتاز العسكر فمر صاحبه:
هذا، فأمر (بدر) هذا الفارس أنْ يترجل، وألزمه حملَ الحطبِ على ظهره في البلد وبيعه وتسليم ثمنه الى صاحبه، جزاءً لما فعل.
وحاول الفارس الذي أنزل عن فرسه ان يفتدي نفسه بمال، حتى انه استعد ان يدفع للحطاب بوزن الحطب دراهم، فلم يقبل منه (بدر) حتى امتثل أمره بحمل الحطب على ظهره وبيعه وتسليم ثمنه الى الحطاب. وهنا نلحظ جملة أمور:
أولها: 
انعدام الحواجز بين المسؤولين والمواطنين على نحو يُمّكِنُ المواطنين من البوح بهمومهم وظلاماتهم مطالبين بانصافهم بشكل مباشر 
ثانيها:
الاستجابة السريعة من قبل المسؤول لحل مشكلات أضعف المواطنين دون إبطاء دون تمييز بين المواطنين.
ثالثها:
الحسم السريع للمشاكل بعيداً عن تشكيل اللجان وانتظار نتائج التحقيق!.
- كما هو الغالب في ايامنا هذه-.
رابعها:
ملاحقة المحسوبين على الحاكم بلا هوادة 
وهذا يعني الالتزام بكون القانون ساريا على الجميع ومن دون استثناء 
خامسها:
انزل العقوبة بالمحسوبين على المسؤول بشكل عاجل، ورفض المحاولات التي يقوم بها المقصرون للإفلات من العقاب.
سادسها:
ليس هناك امتيازات للحاكم واتباعه على حساب المواطنين.
- 4  - 
انّ من الأخطاء القاتلة تَحْصِين المسؤولين أنفسهم بمقرات محروسة، يصعب معها على المواطنين الوصول اليهم لابداء شكاواهم، الأمر الذي يجعل الفجوة بين المسؤولين والمواطنين كبيرة 
للغاية.
وهذا يعني أنَّ المسؤولين في واد، والمواطنين في واد آخر!.
وهذا هو الحال في العراق الجديد – للاسف الشديد-.
ولا نريد الإطالة فالحديث ذو شجون، والحرّ تكفيه 
الاشارة.