أزمة سد النهضة الاثيوبي والعراق

آراء 2021/08/12
...

  عبد الحليم الرهيمي
احتدم الخلاف والصراع خلال الشهرين الماضيين بين مصر والسودان من جهة واثيوبيا من جهة ثانية، حول حصة كل منهما من مياه النيل، حيث تمثل اثيوبيا بلد المنبع بينما مصر والسودان هما دولتا المصب. والخلاف بدأ عام 2010 عندما اعلنت اثيوبيا انها ستنشئ سد النهضة الذي سيحجز قسماً كبيراً من المياه المتجهة الى بلدي المصب.
ومذاك بدأ الخلاف والصراع والتفاوض بين الاطراف الثلاثة للتوصل الى اتفاق ملزم لأطرافه، يتم بموجبه توزيع مقدار حصص الماء لكل من مصر والسودان، وهما اللذان كانا ولا يزالان يصران على تحقيق ذلك بوصفه يتوافق مع القوانين الدولية، التي تقر وتوجب استفادة دول المصب والمتشاطئة على الانهار كما هي فائدة دولة المنبع. 
وخلال السنوات العشر المنصرمة جرت مفاوضات ولقاءات مستمرة بين هذه الاطراف لم تثمر عن نتيجة تذكر، ولم يتأجج الصراع سياسياً او عسكرياً لأن جهوزية السد لحجز المياه لم تتحقق بعد، وحين اقدمت اثيوبيا على انجاز المرحلة الاولى لبناء السد وقامت بملء المرحلة الاولى تصعد الخلاف وتعقد مسار التفاوض بين الاطراف المعنية. غير ان اعلان اثيوبيا قبل شهرين انها ستقوم بالمرحلة الثانية لملء السد احتدم الصراع، واحتجت كل من مصر والسودان على ذلك بسبب تأثير هذا الاجراء على الامن المائي لبلدي المصب، فقامت كل من مصر والسودان، خاصة مصر بتحرك دبلوماسي عربي عبر الجامعة العربية، وافريقي عبر منظمة الدول الافريقية ودولي بتكليف الجامعة العربية الطلب الى مجلس الامن التدخل لاقناع اثيوبيا او الضغط عليها لانصاف مصر والسودان. وقد أثار ذلك اثيوبيا التي عبرت عبر احتجاجها على موقف الجامعة المؤيد لمصر والسودان، الرئيس المصري السيسي الذي صرح قبل أشهر بأن أمننا المائي في خط أحمر، قال بعد اسبوعين لا يجوز التفاوض حول السد الى ما لا نهاية، ومع احتدام الصراع تحدث بعض وسائل الاعلام المصرية عن امكانية اللجوء الى الخيار العسكري لحل الازمة، الامر الذي دعا السيسي ان يحذر اثيوبيا بالقول ان ممارسة الحكمة والجنوح للسلام لا يعني بأي شكل من الاشكال ضعفا وقوتنا قادرة على حفظ حقوقنا. بعد الوضع الذي وصلت اليه أزمة سد النهضة أعدّه بعض وسائل الاعلام الغربية بأنه اصبح (قنبلة 
موقوتة).
هذه الازمة المرشحة للانفجار ربما لا تؤثر في العراق مباشرة لكنها مع ذلك تعنيه لاكثر من سبب، الاول هو امكانية الدخول كوسيط مقبول ومتعاطف مع مصر الحليفة في تحالف المشرق العربي الجديد، والسبب الثاني، الاستفادة من خبرة كل من مصر والسودان في التفاوض لمعالجة الازمة ودروسها، اما السبب الثالث فهو توجه الجهات العراقية المعنية ووزارة الخارجية لصياغة ستراتيجية استباقية لما قد يواجهه العراق من ازمة سد اليسو وبقية السدود، التي تستخدمها تركيا والتي يقول الخبراء اذا ما اقدمت تركيا على ذلك سيصبح العراق عام 2040 بلا انهار!.