عدم

ثقافة 2021/08/12
...

 كاظم اللايذ                                                                                                              
  
 
(1)
مثلما تنفصل يمامة عن سربِها
اعتزلنا صديقنا (عبّاس) 
وذهبَ – وحده -   ليسبحَ في النهر..
من بين الأحراش 
انحدرَ الى الماء..
فتخطفتـه جنيّات الشواطئ..
في اليوم الثاني..
عثرْنا عليه 
ميّتاً على الطين.
 
(2)
على الغرفة الوحيدة على السطح 
من بيتنا القديم.
يقف اللقلق 
مثل حكيم يتأمل الخلائق 
غيرَ مبال بالسحب العابرة 
ولا بالرياح
ولا بالأيدي التي تنشه 
او تقذفه بالحجارة..
لا أعرف 
كم لبثَ في سماواته ضيفاً على الغيوم
حتى أقبلت الجرّافات..
تتوعد الجدران 
وتريد أنْ توسعَ بخراطيمها الطريق.  
 
(3) 
رجال غامضون 
كأنهم من سكنة الجحيم
بشواربَ متدلية على الجانبين
يتقحمون (متوسطة الجمهورية)
ويقتادون مدرّسـَنا (عبد الجبار حسن).. 
نحن ملتصقون بنوافذ الصف مثلَ الخفافيش 
نتفرجُ عليهم 
وهم يهرولون به الى سيارتهم
وينطلقون به الى الخارج
مخلفين وراءهم 
سحابة من غبار
وغصة من ألم..
بعد شهور 
صادفته في زاوية يعمل نجّاراً! ... 
وبعد ذلك 
لم يعد أيُّ أحد يصادفه 
في أيّ مكان..
 
(4)
الساعة التي مكثت بأعلى البرج 
تحرسُ الزمن
وتوقظ الحالمين على تخوت المقاهي.
وتدوزنُ خطواتِ العابرين على جسر الخشب 
لم يكن السيد (سورين) 
يصدّق أنَّ ساعته لن تعيش بعده طويلاً
ولم نكن نحن طلابَ الثانويةِ المجاورة 
نصدق 
ونحن نرى عمال البلدية بمعاولهم 
يحتوشونها من كلَ جانب..
وبلذة المخرّبين العتاة
يعتلون ظهرَها مثلَ قراصنةِ البحار
يُمسكونها من عقاربها 
ويلوّحون بها في الهواء..
ثم يسحلونها 
مثلَ جثةِ كلب قتيل
الى حضيضها المحتوم.