المسجد والمنبر توأمان

آراء 2021/08/14
...

 حسين الصدر 
المساجد ليست دوراً للعبادة فقط وانما هي معاهد لبث العلم والتنوير، كما ان {المنبر} هو الوسيلة الفاعلة لِنَشْر الهدى والمكارم والنهوض بمهمات التربية الصالحة والتوعية .
 وعلى هذا فان {المسجد} و{المنبر} توأمان يُلازم احدهما الآخر ولا ينفك عنه.والمنبر الحسيني بالذات كان وسيلة الاعلام الكبرى لتعريف الناس بمناقب ومصائب أهل البيت {ع} عموماً، وقضية الطف ومأساة عاشوراء خصوصاً .
- 1 - 
ولقد فتحنا أعيننا وللمنبر فرسانٌ أجلاء أعطوا من جهدهم وعمرهم الكثير، للاحاطة بالتاريخ، والتوغل في المدونات الأدبية الكبرى استقصاءً وبحثاً عن الشواهد الأدبية اللازمة لتطعيم مجالسهم، فضلاً عن الالمام بما يلزم من الفقه والعلوم الأخرى ، فكانت مجالسهم مفيدةً ناقعة، موّتت الأجيال بألوان من المعرفة الدقيقة لوقائع التاريخ وحقيقة المواقف .
هذا الى جانب تغطية الجانب المأساوي في قضايا الطفوف، ذلك أنَّ الحسين {ع} عَبرة وعِبرة، ولا بد أنْ يأخذ الجانبان ما يستحقان من عناية ضمن كل خطاب يلقى على المنبر 
الحسيني .
 
- 2 - 
وابتلينا اليوم – وللاسف الشديد – بمن يرقى المنابر دون ان يكون مؤهلا لذلك .
ومشكلة هؤلاء الطارئين على المنبر انهم لا يُحسنون الا فَنَّ التقاط الخرافات والأخبار الضعيفة، وهذا ما يربك المشهد، ويعقد الأمور والأنكى من ذلك ظهور بعضهم على شاشات الفضائيات وهم يُشرقُون ويُغربون ويترنمون بما لم ينزل به الله من سلطان .
 
- 3 - 
واقترحنا قيام نقابة للخطباء تُعنى بتنظيم شؤونهم، فلا يقبل فيها الاّ من كان واجداً للحد الأدنى من الشروط الواجب توافرها في الخطيب المعاصر، ولا يُسمَحُ لغير الأعضاء بارتقاء المنابر .
ولكن هذا الاقتراح بقي حتى الآن ينتظر الاستجابة.
 
- 4 - 
وهناك مسؤوليات تقع على عاتق أصحاب المجالس وعلى المستمعين 
أمّا أصحاب المجالس فعليهم اختيار الخطباء المعروفين بتدينهم وورعهم من جانب، وبأهليتهم وقدرتهم على العطاء والاداء السليم من جانب آخر. وأما المستمعون فعليهم ألا يغروا الخطباء بالباطل، كما يصنع البعض حين يقول للخطيب بعد الفراغ من المجلس أحسنتم وهو لم يحسن أبدا بل أساء.. ايما إساءة!. وعليهم أنْ يسألوه عن المصادر التي اعتمدها في حديثه، ويحذروه من التعويل على الزخارف والأباطيل.إنّ الامام الحسين {ع} ضحى بنفسه وأهل بيته وأصحابه لصيانة الاسلام والحفاظ عليه من التحريف والأباطيل، وانقاذ الامة من براثن الظلم والجهل، وهذه هي مهمة المنبر الحسيني التي لا يجوز أنْ نتسامح فيها بحال من الأحوال .