الهجرة والتحولات الكبيرة

آراء 2021/08/14
...

 حسين علي الحمداني
شكلت الهجرة النبوية تحولا كبيرا في التاريخ الإسلامي، حيث نجحت في الخروج من مجتمع القرية المتمثل بمكة وما تعرض له المسلمون من اضطهاد من قبل قريش، التحول إلى مجتمع المدينة المتمثل في يثرب التي سميت في ما بعد بالمدينة المنورة
وما يضمه هذا المجتمع من تنوع في القبائل من جهة، ومن جهة ثانية تنوع فكري أدى إلى قبول الدعوة الإسلامية واحتضانها وهو ما أدى إلى أن يشكل الإسلام أغلبية في المدينة بعد أن كان أقلية في 
مكة.
لهذا يمكننا وصف الهجرة النبوية الشريفة بأنها ثورة على واقع يرفض الأفكار الجديدة ويرفض في الوقت نفسه التخلي عن العادات والتقاليد الجاهلية، المتمثلة بوأد البنات واستعباد الناس وعبادة الأوثان وغيرها من العادات التي ترسخت في 
الجاهلية.
الهجرة كما أشرنا اليها كانت تحولا كبيرا وتمثل ذلك بتوسيع الدعوة لدخول الإسلام خارج نطاق الجزيرة العربية، عبر إرسال الرسائل للبلدان والأقوام المجاورة، سواء لبلاد فارس أو مصر أو الروم، وهو الذي جعل الإسلام دولة في طريقها للبروز وأخذ دورها في العالم آنذاك وهذا ما تحقق بعد سنوات قليلة، عبر الكثير من الفتوحات الإسلامية التي أدت إلى دخول الناس إلى دين الله أفواجا خاصة وإن أولى ثمار الهجرة النبوية تمثل بتحول المسلمين من جبهة المضطهدين في مكة إلى عنصر قوي تمثل في موقعة بدر وإلى عنصر مخطط ومحترف تمثل في غزوة الخندق وإلى الانتصار الأكبر في فتح مكة، وانهيار المنظومة الوثنية عبر تحطيم الأصنام وإعلاء كلمة الله في عموم جزيرة العرب وبداية عصر الدولة الإسلامية والمتمثل بالخلافة 
الراشدة.
من هنا نجد إن الهجرة النبوية كانت ضرورة تاريخية لا بد منها لنشر الدين الإسلامي، ليس في الجزيرة العربية فقط بل في عموم البقاع، خاصة إن الدين الإسلامي بحد ذاته هو ثورة على واقع سيئ بحاجة إلى تصحيح، وهو الأمر لمسه الجميع مع بداية الإسلام ودعوته للمساواة والتسامح والتكافل وغير من القيم العليا، التي نجح الإسلام في ترسيخها في المجتمعات، التي اعتنقته وشعرت بحالة التغيير الكبيرة التي وصلت إليها بوقت مبكر من دخولها الدين 
الجديد.