المسافة الاجتماعيَّة

آراء 2021/08/14
...

 ريسان الخزعلي
 
غالباً ما يتم التعبير عن قبول الآخر أو رفضه بالقول: إن ثمة مسافة اجتماعية تفصل بين الإثنين في حالة الرفض أو أن لا وجود لأية مسافة اجتماعية فاصلة بينهما في حالة
 القبول.
إنّ موضوع المسافة الاجتماعية يرتبط بمواقف الحُب والكراهيّة تجاه الآخر سواءً كان فرداً أو جماعات أو منظمات اجتماعية أو شعباً. ومثل هذه المواقف تكون وليدة ظروف متعددة، منها: السياسية، الدينية، الطائفية، الاقتصادية، المناطقية، العنصرية... الخ.
تتسع المسافة الاجتماعية أو تضيق في المجتمع، أي مجتمع، اعتماداً على طبيعة النظام الاداري/ الاجتماعي المعمول فيه. فعندما يكون هذا النظام مُصاغاً لخدمة فئة أو مجموعة أو طبقة، فإنَّ المسافة الاجتماعية ستتسع مع الفئات والجماعات والطبقات 
الأخرى. 
وعلى العكس من ذلك، حينما يكون النظام الاداري/ الاجتماعي مُعدّاً بطريقة تخدم الأغلبية، فإنَّ المسافة الاجتماعية ستضيق بين الفئات والطبقات 
المجتمعية.
إنَّ أوّل مَن استخدم اصطلاح المسافة الاجتماعية العالم «بوكاردوس» عندما أجرى بحوثه المتعلقة بقياس المواقف المتحيّزة، أي مواقف الحُب والكراهيّة التي يُعبّر عنها الفرد تجاه الآخر: الفرد أو 
المجموع.
قابلَ هذا العالم كما يُشير معجم علم الاجتماع 1725 مواطنا أميركياً ينتمون إلى أربعين جنسية مختلفة، طارحاً عليهم جملة أسئلة تتعلق بانطباعاتهم عن الشعوب والمجتمعات الأجنبية، لغرض قياس المسافة الاجتماعية بينهم وبين هذه الشعوب 
والمجتمعات. 
كانت الأسئلة متعددة ومتنوعة، أهمها تتعلق برغبتهم لأن يكون أحد الأجانب قريبهم عن طريق الزواج أو يكون عضواً في ناديهم الاجتماعي أو زميلهم في العمل أو أن يجاورهم في السكن. وبعد تحليل الأجوبة التي استلمها منهم، استطاع أن يكوّن مقياس المسافة الاجتماعية الذي كان يتمتع بمزايا صريحة تتعلق بقدرته على قياس مواقف حول 
الأجانب
إنَّ الخلاصة التي توصّل إليها العالم أشارت إلى أن الشعب الاميركي يحمل أفكاراً تضع الهولنديين والانكَليز في قمة المقياس، وتضع الأتراك في
 أسفله.
من هنا يكون مبدأ قياس المسافة الاجتماعية ضرورة حتمية قبل التعامل مع الآخر في الكثير من الأعمال كالتجارة والاستثمار واستقدام العمالة، مما يضمن نجاح التعامل من دون مشكلات وأزمات
 اجتماعية.