النظام المدني

آراء 2021/08/14
...

 وجدان عبدالعزيز
لا شك أن الديمقراطية نظام حكم اساسه الشعب، ولا يكون الحكم هذا مشروعا الا اذا كان وليد الارادة الحرة للشعب المحكوم. اذن النظام الذي يتحلى بالمدنية، هو ذلك النظام الذي يعتمد الأسس الحضارية في إدارة شؤون الحياة، حيث تشرّع القوانين ضمن مؤسسات شرعية منتخبة من قبل الشعب وفق نظام يمثل قناعته الفكرية 
 
ولا وجود لقرارات فردية او فئوية إلا إذا سمح به الدستور المصوّت عليه من قبل الشعب، ويسمح في هذا النظام لحرية التعبير عن الرأي وفق القانون، ومراعاة حقوق الإنسان ايضا، حيث ابرز أسس الديمقراطية: الأول: كفالة الحقوق والحريات، فجوهر الحرية يقوم أساساً على الانطلاق، الذي يحمل الأفراد على السعي وراء مصالحهم أيان يريدون، وكيفما يبتغون ما داموا لا يعترضون بالأذى للغير، فالفرد سيد نفسه وبدنه وعقله، ولا تعاني الإنسانية من حرية ينطلق فيها الناس كما يحبون كما تعاني من تكبيلهم بقيود يفرضها الغير، لذا فإن الإقرار بحقوق الأفراد وحرياتهم وضمانها يقوم على فكرة القانون الطبيعي، بمعنى أن للإنسان حقوقاً لاصقة به لا تنفصل عنه، يكتسبها بمجرد الميلاد، وأنه كان يتمتع بهذه الحقوق قبل نشأة الأنظمة السياسية، وبالتالي فإن العقد الاجتماعي لم يحصل، إلا لأجل حماية هذه الحقوق وعدم المساس بها، أو حرمان الأفراد من الاستمتاع بها، فالديمقراطية تقوم بالأساس على سيادة القانون ومباشرة حقوق الإنسان وعادة في الدول الديمقراطية لا يعلو أحد في القانون والجميع متساوون أمام القانون ويتعين بالأصل على المؤسسات الديمقراطية، أن تقوم بدور الوسيط في تخفيض حدة التوتر والمحافظة على التوازن بين التنوع والتوحد وبين الفردي والجماعي، وذلك من أجل دعم الترابط والتضامن على الصعيد الاجتماعي، فالديمقراطية التي يتطلع لها الإنسان الحر يجب أن تقوم على حق كل فرد في المشاركة في إدارة الشؤون العامة والعنصر الرئيس لها يتمثل في إجراء انتخابات حرة ونزيهة على فترات منتظمة، يعبر فيها الشعب عن ارادته ويقع على عاتق السلطة ضمان حصول مواطنيها على حقوقهم المدنية والثقافية والسياسية والاجتماعية، ومن ثم فان الديمقراطية على هذا الأساس تنمو وتتطور مع وجود حكومة فعالة تتصف بالأمانة والشفافية، وتقوم على الاختيار الحر وتتحمل المسؤولية الوطنية عن إدارتها للأمور العامة، ولهذا يكون الاتجاه هو السعي المشترك نحو إلغاء عوائق الماضي واستمراريتها السياسية والتشريعية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتصحيح ما ترتب عنها من غبن ومآس وأخطاء وانتهاكات وجرائم جسيمة، وبالتالي فإن التصالح والوحدة الوطنية، كمشروع مجتمعي طويل الأمد يعني إنجاز توافق وطني بين مختلف مكونات الإطار الحضاري للمجتمع حول خطة شمولية ومتكاملة، محددة، ودقيقة، تسترشد بالمبادئ الأساسية المستخلصة من تجارب فض النزاعات بالطرق الهادئة وفق القانون.