الحسين ولحظة المجابهة

آراء 2021/08/14
...

 سعاد حسن الجوهري 
 
الثابت في أصل النهضة الحسينيَّة بأبعادها الدينيَّة والإنسانيَّة والسياسيَّة والعسكريَّة والاجتماعيَّة لا يتجاوز حقيقة مفادها أنَّه عليه السلام خرج من أجل اقتلاع جذور الفساد ومجابهة مشروع «اللا دولة» التي كانت تمارسها السلطة آنذاك. فكانت الخشية من ألا تعصف أهواء تلك الأدوات السلطويَّة بجميع إنجازات عقود ستة من تاريخ بناء «الدولة» التي ناضل من أجلها الرسول الكريم (ص) وقدم السلف الصالح على أساسها تضحياتٍ جسيمة.
والمتصفح بين طيات الماضي الغابر والعصر الحاضر يلمس بسهولة وجود تشابهٍ كبيرٍ بين أوجه الأمزجة السلطويَّة في ترسيخ مبدأ «اللا دولة» بغية تمرير مشاريع ومكاسب شخصيَّة وفئويَّة وحزبيَّة ضيقة تضرب عرض الجدار مفاهيم بناء «الإنسان والدولة» على حدٍ سواء. ذلك الحلم المشروع الذي قدم شعب العراق من أجل تحقيقه شتى صنوف التضحيات على مذبح الحرية والكرامة وأعلنها صرخة أمام العالم أجمع بأنَّه لن يحيد عن تحقيق هذا الهدف المنشود.
فالدولة في عرف شعب العراق تعني ترسيخ الإرادة الوطنيَّة ومحاسبة ومعاقبة من يستهدف هيبتها أو يستنزف بفساده وفشله ثروتها ويهدر حقوق شعبها. والدولة أيضاً في مفهوم هذا الشعب تعني وصول كابينة حكوميَّة قادرة ومقتدرة الى مركز القرار عبر بوابة انتخابات حرة نزيهة وشفافة يشهد برصانتها البعيد قبل القريب تفضي بتخويل نواب تحت قبة المجلس التشريعي يبادرون الى الإيفاء بالقسم الدستوري الذي يؤدونه خلال فوزهم بثقة الشعب أنْ يسهروا على تحقيق مصالحه والسهر عليها والقتال دونها لا أنْ يتسابقوا للكسب والامتيازات وخيانة القسم وتقاسم الامتيازات وترسيخ مبدأ التخادم السياسي والمقايضات والابتزازات وإطلاق الشعارات عبر الفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي. والدولة في عرف العراقيين هي نظامٌ يحفظ كرامتهم وأمنهم ويشعرهم بأنهم بالفعل يرفلون تحت فيء أجهزة أمنيَّة واستخباريَّة تواصل الليل بالنهار لصون حياتهم وحقوقهم وتحافظ عليهم وتؤمن لهم متطلبات الشعور بالأمان، فضلاً عن أجهزة قضائيَّة عادلة تحاسب المقصر وتعاقب المجرم ولا تهادن السياسي أو تقفز على متبنيات الدستور أو القانون وتعمل على تطبيق العدالة الاجتماعيَّة.
ختاماً. أقول إنَّ نهج الإمام الحسين «ع» يعني مجابهة الفوضى الخلاقة وترسيخ مبدأ الدولة ومحاربة الفساد المالي والإداري المتفشي في جسد المؤسسات والوزارات وفي سلوكيات بعض رجالات الدولة حتى.