كابول: وكالات
أثار انهيار الجيش الأفغاني الذي يتكون من 300 ألف جندي بشكل سريع أمام حركة "طالبان" دهشة وتساؤلات في جميع أنحاء العالم، بمجرد سحب القوات الأميركية، على الرغم من مليارات الدولارات التي أنفقتها الولايات المتحدة والغرب على تأهيله وتدريبه.
ونشرت صحيفة "تلغراف" البريطانية، السبت تقريرا يفيد بأن الغرب ضخ مبالغ ضخمة في تأهيل القوات الأفغانية على مدار السنوات الـ الماضية، وأن اميركا لوحدها أنفقت 88 مليار دولار، اعتقاداً منها بأن ذلك سيُمكن الحكومة الأفغانية من الاعتماد على نفسها ضد "طالبان"، ما يسمح لأعضاء حلف شمال الأطلسي "الناتو" بالانسحاب نهائياً.
وأضاف التقرير أن هزيمة القوات الأفغانية بهذا الشكل السريع كان مفاجئاً لعناصر حركة "طالبان" أنفسهم، كما أصاب الفشل الذريع للجيش الأفغاني الأفغان وداعميهم بالصدمة والإحباط.
ونقلت الصحيفة عن العقيد إدريس عطاي، القائد في الجيش الأفغاني، قوله: إنه "لا يرى أي ستراتيجية للحرب، لقد أسيء استخدام قواتنا خلال السنوات الماضية، وتم تعيين من لا يستحقون في مناصب قيادية، لذا نحن اليوم في هذه الفوضى".
وأعرب عن غضبه أيضاً إزاء قرار الغرب بإبرام اتفاق مع طالبان، قائلاً: إنه يمنح "الشرعية والثقة للإرهابيين"، والذي أمضى حياته المهنية في قتالهم. وقال عطاي: "نفذنا المهمة كتفاً لكتف مع الأجانب، وكنا متفقين على أن عناصر طالبان إرهابيون. حاربناهم لـ20 عاماً، لكنهم ذهبوا وأبرموا اتفاقاً مع الإرهابيين الذي كنا نحاربهم معاً. لقد منحوهم الشرعية السياسية وسلموهم مستقبلنا".
وأشار التقرير إلى أن "تفشي الفساد والقيادة الضعيفة تسببت في خسائر فادحة، بينما يشكو الجنود من عدم الحصول على رواتبهم أو الطعام والذخيرة، وعلاج الجرحى بشكل سيئ"، ووفقا للواء البريطاني السابق الذي عمل مستشاراً للجيش الأفغاني، تشارلي هربرت، فإن ذلك "انعكس على إرادة الجنود وأفراد الشرطة في القتال".
وأضاف: "في النهاية، أعتقد أننا حاولنا جعل هذه الحرب حربنا، وليست حربهم. أرسلنا 100 ألف جندي من قوات التحالف لخوض الحرب بدعم من أعداد صغيرة من القوات الأفغانية، إنه نهج خاطئ تماماً، كان ينبغي الاعتماد عليهم منذ البداية".
وكان الرئيس الاميركي جو بايدن قد أعلن، الثلاثاء الماضي، أن "بلاده أنفقت أكثر من ألف مليار دولار في 20 عاماً، لتدريب وتجهيز أكثر من 300 ألف جندي أفغاني".
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي: إن "وجهة نظر الرئيس بايدن هي أنه يجب على القوات الأفغانية الآن استخدام التدريب الذي تم توفيره لهم"، وشددت على أن الإدارة الأميركية لا تتحمل "الشعور بخيبة الأمل" من نتائج العمل العسكري للجيش الأفغاني".
وتصاعدت وتيرة المواجهات بين قوات الأمن الأفغانية ومسلحي حركة "طالبان"، تزامنا مع بدء انسحاب القوات الأميركية وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، مطلع أيار الماضي، والذي من المقرر اكتماله بحلول 11 أيلول المقبل.
في المقابل أكد الرئيس الأفغاني، أشرف غني، أن إعادة تنظيم القوات الأمنية والدفاعية هي الأولوية القصوى له، مشيرا إلى أنه لن يترك عشرين عاما من الإنجازات تذهب سدى.
وأعلنت حركة "طالبان" الأفغانية سيطرتها على مدينة شرانة عاصمة ولاية باكتيكا شرقي البلاد، لتكون بذلك مركز الولاية الـ 18 الذي يسقط بيد الحركة.
يشار إلى أن حركة "طالبان" باتت تسيطر الآن على نصف عواصم المقاطعات الأفغانية البالغ عددها 34 وتسيطر على أكثر من ثلثي البلاد، ولا تزال الحكومة المدعومة من الغرب في العاصمة كابل تسيطر على عدد قليل من المقاطعات في الوسط والشرق وكذلك مدينة مزار الشريف الشمالية.