المكر والمخاتلة كسلطة في النشر

ثقافة 2021/08/16
...

 يوسف محسن
 
تتميز الصحافة الأدبية بنوع من المخاتلة والمكر، إذ تخفي حقيقتها كسلطة تمارس العنف والاقصاء واحتكار المعرفة في شبكات النشر الصحفية، بغض النظر عن معيارية الجودة الأدبية، وهذا بالتأكيد له تأثيرات مستقبلية على الهوية الجماعية للإبداع في العراق، إذ يعتمد بعض مسؤولي الصفحات الأدبية على مبدأ المحاباة والمحسوبية والصداقات والعلاقات الشخصية في نشرهم المواد الأدبية، فضلا عن ذلك هيمنة النشر العشوائي في الغالب على الرغم من معرفتهم بتسطح المواد وتواضع جودتها، ونجد في البعض تكرار بعض الأسماء الأدبية في تلك الصفحات يومياً او ضمن مدد متقاربة، أو إعادة نشر الموضوع ذاته في صحف أخرى، وهناك مشكلة الكاتب الأدبي، فهو يكتب في مجالات متعدد وغير مترابطة، وهذه المشكلة تؤثر في تحجيم كتاب آخرين عن النشر، فضلاً عن ذلك فقدان التوازن في تلك الصفحات، مع طغيان مكون إبداعي  كالشعر، والقصص، والمقالات الغامضة من العنونة حتى المتن، واستعمال المفاهيم المترجمة وحتى غير المتفق على ترجمتها كـأداة للمعرفة بسبب الاستسهال والعبط واختفاء المراقب الأدبي. 
وهناك مشكلة مزمنة تضطلع بها غالبية الصحف الادبية، إذ يتم تسليط الضوء على الأسماء المعروفة أدبياً بحكم عوامل متعددة، تبدأ من آليات الانتشار والدعاية السلطوية، وحصر النشر عليهم، على الرغم من أن تلك الأسماء مستهلكة، وكذلك أن غالبية الصحف الأدبية تفتقد إلى الملاكات المدربة صحفياً وإعلامياً، وهذا ينعكس وبشكل كبير على تنوع الصفحات الأدبية للفنون الإعلامية مثل التحقيقات الأدبية والحوارات واستطلاعات الرأي والأخبار لرصد المستجدات الثقافية والأدبية التي تشرع بها الاتحادات والمراكز والمنتديات ودور النشر العالمية، وعبر التجربة الشخصية نعرف أن غالبية المشرفين على الصحافة الأدبية يتم تنسيبهم عبر معايير تتسم بالتخبط، ولا يتسم عملهم بالحيادية والانفتاح الفكري والمعرفي، إذ إن الصفحات الأدبية تعد الوجوه الأبرز في العمل الصحفي بعد الصفحات السياسية أو الوجه الآخر، لا بد أن تكون مركز استقطاب لمختلف الأطروحات المتنوعة، فضلاً عن ذلك، إن غالبية الصحف العراقية وبالذات الصفحات الأدبية تتحكم بها (الشللية والعلاقات الشخصية)، ويعتمد أغلب المشرفين الأدبيين على الشائعات والآراء النمطية الشعبوية المتداولة في الوسط الادبي عند فحصهم أية مادة مقدمة لهم، إذ لا تعتمد على مقياس أو منهج ثابت. وعن طريق قراءة بعض الصفحات الأدبية نجد كمية هائلة من المقالات الانشائية التي تعكس مستوى أخلاقيات المشرفيين الأدبيين ومستواهم الفكري.