العمالة الأجنبيَّة.. والنظرة المتحاملة تجاهها

آراء 2021/08/18
...

 عبد الحليم الرهيمي
وجود عمالة اجنبية في العراق، وبأي بلد آخر هو أمر طبيعي ومشروع، لكن المشكلة عندنا، وربما في بلدان أخرى هي العمالة غير الشرعية، التي تدخل بطرق غير قانونية دون علم مؤسسات الدولة، وهنا الأمر هو الذي يحتاج الى دراسة ومعالجة قانونية وانسانية وبنظرة موضوعية وغير متحاملة.
لذلك، وخلافاً للبيانات الرسمية المسؤولة لاسيما وزارة الشؤون الاجتماعية حول الاعداد الحقيقية لعدد هذه العمالة ونظرتها الموضوعية تجاهها، هناك من يتحدث في أحيان كثيرة ممن يطلق عليهم (المتعاطون) في الاهتمام بهذا الشأن لا يقدمون أرقاماً حقيقية ولا سبل معالجة موضوعية وانسانية، كقول البعض منهم مثلاُ: إن عدد العمالة الوافدة يبلغ رسمياً 800 وينسب هذا لوزارة الشؤون، بينما يبلغ عدد غير الشرعيين 700 بينما يذهب آخرون وهم (يغردون) في الفضائيات ان عدد العمالة يبلغ مليونين او ثلاثة ملايين (هذا لا يهم) ويتحدث آخرون عن رواتبهم التي يتعدى راتب بعضهم العشرين الف دولار شهرياً ويهبط حتى 300 دولار شهرياً، اي ما يبلغ 1.5 مليار ونصف المليار دولار شهرياً اي ما يعادل 18 مليار دولار سنوياً تخرج من العراق سنوياً لصالح أسر العمالة الوافدة الى الخارج، ويذهب آخرون الى القول، ان ضخامة عدد العمالة الوافدة تتم على حساب العمالة العراقية وتزيد أعداد البطالة ومستوى الفقر وعلى حركة السوق والحالة المعيشية للأسرة العراقية، وان الاستغناء عن هذه العمالة وتوفير مليار ونصف المليار دولار شهرياً سيوفر فرص عمل لأكثر من مليون ونصف مليون عاطل عن العمل في العراق!.
فهل حقاً ما يقوله هؤلاء المحللون من المتعاطين بشأن العمالة والاقتصاد؟ وهل يحق لهم ايغال صدور العمال العراقيين ضدهم باعتبارهم سبب ما يعانون من بطالة؟ وبالمقابل، ايغال صدور العمالة الأجنبية بتحميلهم مسؤولية البطالة في العراق.
ان تهافت هذه التحليلات والمواقف غير الموضوعية فند قسماً منها وزير العمل والشؤون الاجتماعية الذي تحدث يوم السبت الماضي في إحدى الفضائيات بتأكيده بأن العمالة الأجنبية بالعراق تبلغ حسب أحصاء الوزارة ما بين 400 و 500 الف عامل منهم فقط 65 الف يعملون بصورة شرعية، وان مسؤولية اللاشرعيين تتحملها الجهات الأمنية من جهته والشركات والمكاتب اللاشرعية التي تستوردهم من جهة ثانية.
ان تحميل العمالة الاجنبية مسؤولية البطالة والتحريض عليها وعدم ادراك انعدام قدرة المؤسسات الصناعية والزراعية والسياحية استيعاب البطالة العراقية هو السبب الرئيس وليس النظرة العنصرية القاصرة المعادية للعمالة الأجنبية التي تخدم العراقيين، وتبحث عن قوت أسرها كما يبحث الكثير من العراقيين ذلك بالعديد من البلدان دون ان تحرض عليهم عنصرياً أي جهة.