الحزن يخيّم على مظاهر الحياة

الصفحة الاخيرة 2021/08/18
...

 بغداد: نور الأخرس
مع وصول اليوم العاشر من شهر محرم، يتجدد الحزن في كل ذكرى لتجسيد واقعة الطف في كربلاء، وجع لا ينتهي، ودموع لن تجف، إذ يحيي المسلمون ليلة العاشر من محرم ودموعهم في مآق ترنو نحو كربلاء، لا حياة، ولا نوم، ولا بيع ولا شراء، اذ ترفع الاعلام ويتأهب الزوار لبدء رحلة تجديد الحزن والوصول الى كربلاء، حيث اضواء البطولة والشهادة. 
وينشغل الجميع باحياء ذكرى استشهاد الحسين (ع) كلٌ بطريقته، بـ {اللطم} على الصدور والنحيب، وباقامة آلاف الموائد في الازقة والشوارع الرئيسة، المواطن علي طعمة أحد أقدم المساهمين في إحياء هذه الطقوس، قال 
لـ {الصباح}: {ليست المرة الأولى ولن تكون الاخيرة، لقد ورثت هذا الطقس عن اجدادي، فنحن منذ عشرات السنين نُقيم الموائد في ليلة العاشر من محرم، ونجهز القدور الضخمة وادوات الطبخ من قناني الغاز والحطب، ونفترش الحي لتبدأ عملية التحضير من منتصف الليل حتى الصباح، وجميع الناس في منطقتنا والمناطق المجاورة اعتادوا على موكبنا
السنوي}.
اما القصاب علي حسين {ابو عباس}، فأكد أن {هذه الأيام تشهد طلبا كبيرا على المواشي واللحوم، لاسيما في ليلة العاشر من محرم، فيبلغ معدل البيع حوالي الف كيلو - وعلى غير العادة - نحن غالبا من نُخفض السعر بقيمة الف دينار في تلك الليلة لكسب الأجر والثواب وهي مساهمة باحياء تلك الطقوس والشعائر}. 
ولا يقف الأمر عند هذا، ففي حديث لنا مع قصاب آخر بيّن {انا أضطر لرفع السعر، لأن الغرامة التي تفرضها عليّ الدولة تضاعف في هذا الشهر، فكيف أسددها؟}. 
وللنساء دورٌ لا يقل اهمية عن الرجال في إحياء تلك الليلة، اذ يجددن الحزن بلون السواد، وباللطم والبكاء ويواصلن إحياء محرم، فالسواد يكاد يطغى على روح الحياة، وترى النساء يخفين وجوههن بعباءات ويسرن كأفواج الى مجالس العزاء، بينما تنشغل {الملاية} بالنعي وقراءة {اللطميات} وتبدأ معها الاخريات بممارسة كل طقوس الحزن، والملاحظ ان هذه الظواهر تزداد كلما اقتربنا 
من المناطق الشعبية. 
والامر لا ينتهي عند هذا، ففي الساحات ومع بزوغ الفجر تتجسد واقعة الطف في عروض تقدمها شخصيات حقيقية، عروض أشبه بمسرح حي في الهواء الطلق، تسمى {التشابيه}، اذ تجرى بحضور جماهير غفيرة، يلفها الحزن والكآبة والشعور بالمأساة، وتعد التشابيه من اهم طقوس وممارسات شهر محرم، وهي تقام منذ عشرات 
السنين.