زلزالستان

الصفحة الاخيرة 2021/08/22
...

عبد الهادي مهودر
اهتزت المنطقة والعالم للتغيير الحاصل في افغانستان، هذا البلد الذي يعيش حالة غزو مستمرة منذ عهد الاغريق، وفي حالة نزاع على السلطة وحرب اهلية وغزو عسكري سوفييتي في ثمانينيات القرن الماضي ثم اميركي في مطلع الالفية الثانية، ومع ذلك شعر الافغان هذه المرة بقوة الزلزال غير المتوقع حتى من الرئيس الاميركي جو بايدن، لكن الزلزال الأهم ليس خطاب بايدن وانما خطاب طالبان الناعم كالحرير، فما الذي يجعل من حركة متشددة تتحول في يوم وليلة الى حركة منفتحة وتعلن عن تخفيضات هائلة في خطابها الديني : «يمكن للصحافة أن تنتقد وللمرأة أن تعمل وللاقليات أن تعيش، ويمكن اقامة علاقات مع اميركا ودول الجوار وان افغانستان للجميع»، واذا تغيّرت طالبان حقاً، فلماذا لا يصدّق الافغان خطابها الجديد وبأنها ستحكمهم بالورد والياسمين وليس بالحديد والنار، ولماذا يتعلقون بالطائرة العسكرية للهروب من بلادهم، ولماذا يهرب رئيس الدولة اذا كان مطمئناً ولم ينتظر قليلا لتقله طالبان في موكب رسمي مهيب الى مطار كابول؟ ومن الذي يحرك هذا العالم اذا كان حتى رئيس الولايات المتحدة الاميركية متفاجئا مثل اي رئيس آخر؟ هل تدّخل عالم الجن وقاد المفاوضات ونقل طالبان بالصحون الطائرة ومكّنهم من مسك السلطة في طرفة عين؟ بصراحة على العالم أن يحتفل ولا يحزن لحصول اول عملية تحول تلقائي ذاتي في ايديولوجيا الحركات المتشددة والاصولية، إن استمرت طالبان وصدقت وقرنت القول بالفعل، فخطابها اليوم يوشك أن يتم بثه للمواطنين الافغان ولشعوب العالم مصحوباً بسيمفونية بحيرة البجع للروسي تشايكوفسكي، وعلى اميركا ألا تصاب بخيبة الأمل بل أن تحتفل قبل غيرها لأن هدفها بافغانستان خالية من اسامة بن لادن والمتشددين قد تحقق، ولأن السلطة الجديدة منفتحة على الحكومة السابقة وتصدر قرارات العفو العام عن الموظفين والمسؤولين السابقين وافراد الجيش وتطلق سراح السجناء وتفتح الاجواء لمغادرة الاجانب والافغان الخائفين، أليس هذا ما كان يريده العالم لهذه الدولة الفقيرة التي تلعب في اصعب مجموعة في العالم والتي تضم اميركا وروسيا والصين وايران وباكستان وطاجكستان واوزبكستان وتركمانستان، ماذا تتمنى هذه المجموعة النارية اكثر من هذه الرقة غير المتوقعة؟ فحتى الناطق الرسمي السيد (ذبيح الله مجاهد) اصبح يغرد مثل بلابل شهربان.