نظرة على السينما العراقيَّة

الصفحة الاخيرة 2021/08/22
...

  صالح الصحن  
                   
تمضي الايام، وشركات الانتاج السينمائي في العالم  قائمة بحركة انتاج الافلام بوتائر مستمرة عبر صالاتها وشبابيك التذاكر وفي مواقعها الالكترونية ومنتدياتها السينمائية، وفي منافسات حادة، في الصناعة، والابتكار، والفوز بالذهب، بهدف تمرير الرسائل المتعددة لهذه العروض والأفلام المختلفة، وحري بكل شعب ومجتمع أن يتصدر مثل هذه العروض بالمستوى المتقدم للصناعة، وبنوع الرسالة الجمالية الفكرية المراد إيصالها إلى العالم، في عصر تتنوع فيه الثقافات والعقائد والقيم والسلوكيات وبأشكال متعددة من العيش، وبنسب متفاوتة في المدنية والتحضر والمعاصرة وأننا إزاء هذا الحقل الذي حظي ويحظى باهتمام كبير في اغلب دول العالم كصناعة متقدمة، ووجه ثقافي وحضاري كبير، لا بد من النظر إلى هذا القطاع السينمائي المهم في البلاد بعين الاهتمام، واعتباره مفصلا مهما في المخطط الستراتيجي لسياسة الدولة في الانتاج السينمائي، وبحال، أقرب إلى حال الدول والشعوب والمجتمعات الناهضة، وعيوننا تتطلع نحو السينما، بوصفنا بلدا عريقا منتجا للثقافة والفنون منذ العصور السالفة، ولكن غريب الأمر أن يبقى الحقل السينمائي في البلاد على قدر المراوحة، وعدم وضوح البرنامج الخاص به، ولهذا يمكن توصيف بعض الملاحظات التي  نعتقد انها قراءة لما هو سائد الان في سينما البلاد. 
- يمكن اعتبار عدم صدور قانون خاص بالسينما العراقية واحدا من المشكلات الرئيسة التي تواجهها السينما، بوصفها نشاطا ثقافيا فكريا وجماليا، وبحاجة إلى سياسة إنتاجية ماهرة، وتخطيط يؤمن بأن السينما صناعة وفن وجمال. وضرورة لا يمكن الاستغناء عنها.
- الحاجة إلى ضرورة الإعلان عن خطة انتاج الافلام السنوية وفق دراسة علمية ومهنية محكمة، تأخذ بعين الاهتمام تنفيذ الافلام الروائية الطويلة والمتوسطة والقصيرة والوثائقية. وبعدد يغطي الحاجة وحجم الإمكانيات المتاحة ماديا وفنيا. 
في كل بلدان العالم هنالك انتاج سينمائي حكومي واخر خاص بالشركات والمؤسسات الأهلية، ومن هنا، علينا أن ننمي عملية الانتاج في هذين القطاعين على وفق التخطيط المسبق. وفتح العديد من شركات الإنتاج المدعومة، وتشجيع القطاع الإنتاجي الخاص ، وعلى الدولة أن تضع في حساب
 ستراتيجيتها الاقتصادية تخصيصا ماليا للسينما، وكذلك أن تدعم الشركات الخاصة في إنتاجها للأفلام. 
إعادة تسمية الدائرة الحكومية المختصة بالسينما وفق القانون الجديد، وبصلاحيات نافذة للقرار والانتاج والخيارات الأخرى. بوصفها الدائرة المعنية بالإنتاج. 
العمل على تفعيل اسلوب العمل المشترك مع الدول المتقدمة سينمائيا وكذلك مع الشركات الخاصة المشهورة. لغرض الانتاج ولغرض تأهيل الكفاءات. 
تفعيل مستوى التخطيط الستراتيجي المركزي في الدولة للتنسيق بين كليات ومعاهد الفنون الجميلة وبين مؤسسات السينما لاستثمار الخريجين من الطاقات الابداعية المختصة. 
العمل على إعادة تأهيل صالات السينما المهجورة والمحورة لأغراض تجارية أخرى. 
استحداث مكتب مركزي من الخبراء للرقابة الفكرية والفنية، لحماية الذائقة الجمالية، وعدم السماح بطرح الافكار المريضة والاحقاد والطائفية والعنف والانحراف وغيرها من التجاوزات والارهاصات المنبوذة. 
 العمل على دعم اجيال السينما كافة من دون أدنى حساسية، من جيل الرواد وجيل الوسط وجيل الشباب، وفتح افاق التعاون والتفاعل المهني العالي بين هذه الاجيال وبروح المحبة والاحترام والفائدة، 
-تسمية كتاب ومخرجي السينما العراقيين وكذلك الفنيون المبدعون كافة في الداخل والخارج ممن اشتغلوا افلاما عالية المستوى، واتخاذ صيغ عمل وسياقات خاصة في التعامل معهم تشجيعا ودعما وتكريما. 
- العمل على تشجيع كتاب السيناريوهات السينمائية ودعمهم وحثهم على اختيار مواضيع راقية وحكايات وقصص مشوقة عن الوطن والإنسان والجمال والثقافة ومعاناة المجتمع وتطلعاته وهمومه اليومية، فضلا عن قصص البطولات والمأثر والوقائع والرموز التاريخية والدينية والثقافية والعلمية والإنسانية وقصص الحب والمغامرات والكوميديا وغيرها من المواضيع.
- تحديث منظومة التقنيات الحديثة باستيراد ارقى أجهزة التصوير والمونتاج والاضاءة والمؤثرات السمعية والبصرية وبرامج الحيل والخدع السينمائية ومعامل خلق الاجواء والبيئات المتعددة. 
- فتح المجال لإشراك العاملين كافة في دورات متقدمة في دول العالم المتطورة في السينما، في التصوير والاضاءة والمكياج، والمونتاج والتقنيات الرقمية، والإدارة الفنية وغيرها من المهارات الضرورية. 
- تأسيس مهرجان سينمائي حكومي رئيسي في البلاد يعنى بمسابقات الافلام، وان يتم تنظيمه على وفق تقاليد المهرجانات السينمائية العالمية المتطورة، وبكل ابهار ولفت أنظار العالم، شكلا ومضمونا. 
فتح نظام جديد لدعم سينما المحافظات وتأهيل مستوياتها، رغم اختلافها، بعد الاستماع إلى خطة كل محافظة ومشروعها السينمائي المقدم، مع الإشارة إلى المستوى المتميز الفاعل لسينما إقليم كردستان، الذي قطع شوطا ناضجا في صناعة الأفلام وبما يتطلب الدعم والاهتمام والتشجيع. 
- الأخذ بعين الاعتبار، التنسيق والتنظيم والاهتمام بمخرجي وكتاب السينما في داخل البلاد وخارجها، ووضع سياقات عمل متوازنة في توزيع أو تكليف اخراج الافلام وكتابتها. بما يضمن توزيع فرص العمل بقياسات المهارة والكفاءة العالية  والاستحقاق. 
ليس كثيرا علينا أن ننشأ {مدينة فنية} مختصة لتقديم التسهيلات في صناعة الافلام، وتحتوي على أحدث الاستوديوهات  ومكائن حمل الكاميرات، ومنظومات المونتاج ومعامل المؤثرات البيئية لصناعة الأمطار والغبار والرياح والعواصف، والأجواء الليلية والنهارية، وتصميم أماكن وبنايات وصروح مختلفة، وبيئات مختلفة واحواض مياه عملاقة، وأشكال متعددة وغيرها من المستلزمات.
- هنالك فئة من المخرجين الذين يعملون أفلامهم من جيوبهم، ويشتركون بها في المهرجانات العالمية ويحصدون فيها جوائز مهمة ويصفق لهم العالم، وهنا نقول، من الذي يسأل عنهم، ويستقبلهم، ويشجعهم، ويدعمهم، ويستضيفهم، ويختفي بهم، فهم حقا سفراء البلاد في نشر الثقافة والفن والجمال.
- الحاجة قائمة إلى ضرورة دعم الدولة لأي مشروع حكومي أو خاص بالشركات يتبنى انتاج افلاما سينمائية عراقية، تحمل رسائل تهدف إلى خدمة الوطن والإنسان والمجتمع والجمال والسلام والإنسانية
- عيوننا ترنو إلى السينما بلهفة وحسرة شديدة، ونحن نرى المستوى العالي الذي وصلت إليه بعض الدول المجاورة في صناعة الأفلام الجيدة والممتازة، وبما يسمح لنا بالاشتراك والمنافسة في هذا السباق الجمالي الذي لا نظير له.