{محطات سينمائيَّة}.. رحلة عشق للسينما

ثقافة 2021/08/22
...

  أمجد ياسين
 
يرصد كتاب «محطات سينمائية» الصادر عن دار ضفاف 2021، 350 صفحة من القطع المتوسط،  للكاتب والنقاد علي حمود الحسن، مقدار الجهد الذي بذله المؤلف في لملمة عمله الطويل في مجال السينما، التي أحبها حدَّ دراستها اكاديميا، وقدمها باسلوب نقدي وتوثيقي ايضا، فالحسن عندما يكتب يحرص على تقديم فرشة معلوماتية واسعة عن الفيلم وما يحيطه، وهو ما تميز به عن باقي النقود التي كتبت عن الافلام على قلتها. ففي فيلم «المقترعات» بحث المؤلف في مركز دراسات النساء في عالم التلفزيون والسينما بجامعة ولاية سايغون الاميركية ليقدم لنا احصائية عن نسبة كتاب الافلام من النساء في هوليود ونسبتهن من المنتجين والممثلين وصناع السينما.. معلومات يضعها الحسن كمدخل للحديث عن فيلم «المقترعات» ليناقش لاحقا قلة الافلام النسوية في هوليود، وينطلق منه للحديث عن الفيلم وابطاله وقصته فكتب «تضافرت جهود المخرجة وفرق عملها من ممثلين وفنيين، لإنجاز فيلم يؤرخ لشجاعة نصف الانسانية الحلو، بسرد وإن بدا تقليديا، لكنه بلا ترهل واطناب، تمازج فيه الواقعي والمتخيل في خدمة الحدث، أليست السينما، خلق آخر للوقائع؟».
تتميز كتابات الحسن بأنها اقرب للنقد الثقافي منها للاكاديمي الثابت والمتقيد. فهو يبحث في مآلات الفيلم وتأثيره وزمنه الذي قدم فيه، كل ما يحيطه، فيصف بعض الافلام بأنه فيلم تأسيسي للحداثة في السينما ايام صمتها وخلال نطقها مثل فيلم «متروبوليس». كذلك مع صاحب فيلم «دكتور موبوزو» يقول «إنه لم يكن سينمائيا وحسب إنما كان رساما ومهندسا ومعماريا وهذا يفسر ولعه بتصميم الديكورات الفخمة الزاخرة بالخطوط الحادة والمائلة». إن هذا النوع من الكتابة النقدية الواعية مهم جدا في تنمية الذائقة الفنية، فهو يقدم انموذجا في طريقة قراءة الفيلم ليس ببعيد عن طبيعة الاشخاص المشاركين في صناعته من ممثلين ومخرجين ومؤلفين، ناهيك عن قراءة جمالية وفنية عما قدمه الفيلم ليختتم المقال برأي واضح وصريح. وهذه الطريقة في تناول الافلام اجدها متميزة عن الطرق التقليدية في قراءة الافلام وتقديم رأي فني مباشر وعام في أحيان كثيرة من دون الخوض في تفاصيل مهمة تشكل جوهر الاشخاص العاملين في الفيلم. كما قلت هو اقرب للنقد الثقافي الاوسع والاكثر اهتماما بكل ما يحيط بالفيلم وتأثيره بالمجتمع والانسان، وهذا ما نحتاجه الان ليتحول المقال النقدي الى مقال معرفي وتوثيقي وفني في الوقت نفسه، فالمعرفة التي يتمتع بها الحسن معرفة موسوعية وهذه تفرض بطبيعتها ان يكون مقاله غنيا 
نقديا. 
هي دعوة للاطلاع على هذا المنجز الثقافي المتميز الذي كتب بشغف بالسينما حد الوله وكأن الكاتب يؤرشف محطات حياته مع افلام ومخرجين ويقدمها لنا بحب.