التنافس بين البشر والآلة في الزراعة

بانوراما 2019/02/25
...

دانييل باكويت
ترجمة: خالد قاسم
يعطى كل من الانسان والآلة عشر ثواني لكل نبتة، ويجب عليهما ايجاد نباتات الفراولة الناضجة بين الأوراق واقتطافها بلطف من السيقان ووضعها داخل صدفات بلاستيكية. وتعاد العملية مرارا وتكرارا قبل تلف الفاكهة. 
يعمل مزارعو فلوريدا على قطعة أرض هي جزء من حقل بمساحة 454 ملعب كرة قدم، ويجمع العمال الانتاج بنفس الطريقة منذ مئات السنين لكن مهندسين يقولون أن انسانا آليا إسمه "هارف" قد يحل مكان معظمهم بحلول العام المقبل. ويعد المشروع بتخفيف شدة نقص الأيدي العاملة وتقليل تكاليف الغذاء بحسب الفريق المسؤول عن "هارف" وهو لقب أحدث طراز أنتجته شركة هارفست كرو للروبوتات.
يتصدر "هارف" حملة أميركية لأتمتة طريقة جمع الأشياء، وهو تحد حيّر المهندسين منذ فترة طويلة. يعد تصميم انسان آلي ذي لمسة لطيفة أكبر عقبة تقنية لأتمتة المزارع الأميركية. ويرى المزارعون خطورة بقاء الأسعار المعقولة للخضراوات والفواكه بغياب هذه التقنية وتناقص العمال.
المشكلة ملحة لدرجة أن المتنافسين يتحدون لتمويل هارف، مما جمع تسعة ملايين دولار تقريبا من شركات عملاقة مثل دريسكولز وناتورايب فارمس وكذلك مزارعون محليون. لكن جمع الفواكه الألكتروني مازال غير متقن، فخلال تجربة أجريت العام الماضي حصد هارف 20 بالمئة فقط من الفراولة لكل نبتة بدون حادثة. أما هدف العام الحالي فهو حصاد نصف هذه الفاكهة بدون سحق أو اسقاط أي منها، ويبلغ معدل النجاح البشري نحو 80 بالمئة مما يجعل هارف الطرف الخاسر بهذه المنافسة، لكنه لا يحتاج تأشيرة دخول أو النوم أو اجازة مرضية، وتبدو الآلة مثل شاحنة تلتف أفقيا. وعند النظر تحتها سنجد 16 روبوتا فولاذيا أصغر حجما تلتقط الفراولة بأصابع دوارة تشبه المخالب، توجهها كاميرات العين وأضواء ساطعة.
 
أهمية المهاجرين
يقول مزارعون :إن توظيف عدد كاف من العمال لحصاد المحصول قبل تعفنه يزداد صعوبة. تراجع عدد العمال الموسميين القادمين من المكسيك الى الولايات المتحدة، وتراجع عدد الأميركيين الذين ينحنون على الشتلات طيلة النهار حتى مع عرض أجور أعلى وسكن مجاني وحوافز تعيين. ومن المتوقع بقاء عدد الموظفين الزراعيين ثابتا للسنوات السبع المقبلة، وفقا لأحدث توقعات مكتب احصاءات العمل. وكتب باحثون أن التقنيات المعززة للانتاجية تنضج في مجال المكننة، ما يقلل حاجة المزارع للأيدي العاملة حتى مع زيادة الطلب على المحاصيل. خضع التصنيع الى تطور مشابه، اذ زادت المصانع الأميركية انتاجها طيلة العقدين الماضيين مع تناقص عدد العمال، ويعود الفضل للمكائن التي تحسن الكفاءة. 
كان برنامج هارف يكفي لأداء عمل 30 شخصا، وتدور الآلة فوق 12 صفا من النباتات خلال الوقت نفسه وتجمع خمسة من نبات الفراولة كل ثانية وتغطي مساحة ثمانية فدانات يوميا. ويتسبب هارف بانخفاض الحاجة الى عمال الحقل، لكنه سيخلق وظائف جديدة أيضا اذ تدرب الشركات المزارعين ليصبحوا فنيين، الّا أن بعض العمال ينظرون الى هذه الخطة بعين الشك والقلق.
 
عمل بشري
تشكك مجموعات العمال أيضا باستعداد الروبوتات لقطف كل الثمار، ويقول مدير جماعة تمثل 20 ألف مزارع في الولايات المتحدة: "لا تستطيع الآلة حصاد العنب الرقيق أو الفراولة أو أي فاكهة للشجر من دون تدمير المظهر المثالي الذي يطلبه المستهلكون وقطاع الأغذية بالمفرد."
يعمل مهندسون آخرون من جامعة ولاية واشنطن مع مزارعين محليين لاختبار آلة تجمع التفاح ذات 12 ذراعا  ميكانيكية. وتسير الآلة بين صفوف البستان وتلتقط صورا للأشجار ومن ثم يفحص عقل كمبيوتري الصور ويجد الفاكهة، وتقوم الأذرع بجمع وتنزيل التفاح على حزام ناقل.
عند اختبار هارف، حضر مزارعون وباحثون من دول كندا وأستراليا وألمانيا وسويسرا والولايات المتحدة. وحضر مع المزارعين فريق من المهندسين لمشاهدة العرض على شاشة تلفاز، وتعطيهم الكاميرات داخل هارف صورة مقربة ومكبرة.
في جزء آخر من الحقل، وبعيدا عن الضجة، يعمل المزارعون بالطريقة المعتادة ويرتدون أكماما طويلة وأوشحة لحماية أعينهم من الشمس. وينحني العمال على النبتة ويقطفون الفراولة ويضعونها في صناديق، ثم يتابعون فحص كل حزمة مع المشرفين وسط صفوف النباتات.
 
صحيفة واشنطن بوست الاميركية