بنات أفكاري

ثقافة 2021/08/24
...

 عمار حميد مهدي
 
ارتديت بيجامة النوم بعناية فائقة مستعدةً لمهمة صعبة تبدأ بعد يومٍ مكتظ... هل قلت مكتظا؟ في الواقع هو يوم تافه آخر مثل غيره، يوم اشبه بصحراء خالية من الاحداث المهمة، المهمة الصعبة التي اتحدث عنها هي ممارسة الانتظار والتوسل الى سيدي ومولاي (النوم)، راجيةً اياه لساعات كي يأتي ويُلقي عليَّ سلطانه وينتشلني من عالم الواقع المأزوم ولا فرق عندي ان وضعني في عالم الاحلام الوردية او الكوابيس المرعبة، كل ما كنت اتمناه هو الحصول على سويعاتٍ من النوم وليحدث بعدها ما يحدث وما إن حصلت على مبتغاي لفترةٍ وجيزة، حتى تنبهتُ مذعورةً الى نقيق ضفادع ينتشر في اركان الغرفة، كنت مرتعبةً لما اراه من بضعة ضفادع بحجم اطفال صغار في كل مكان من غرفة نومي. 
فرأيت ضفدعا يعبث بعلب المكياج ويرسم بأحمر الشفاه على فمه القبيح الاخضر المائل للبياض ويضع عقد اللؤلؤ الذي أهدته لي والدتي في عيد ميلادي الاخير، وضفدع آخر يمسك أحد الكتب في مكتبتي وهو جالس على المنضدة، التفت إلي عندما ادرك انني انظر اليه وقال: لا تحاولي يا ابنتي ان تفكري في تقبيلي، فمن المؤكد انني لن اتحول الى امير، بل ستمسخين أنتِ الى ضفدعة بلا تاج!.
احسست بالرعب، كدت اصرخ، لكن ضفدعا آخر خرج من دولاب الملابس مباغتاً إياي بكلامه: ستسألين من نحن وسأقول لكِ نحن بنات افكارك! في الواقع نحن ضفادع افكارك، لم افهم ما كان يقصده من كلامه هذا، ثم قال لي: نحن الافكار التافهة التي تعشعش في رأسكِ، الافكار التافهة هي الضفادع التي تقف على جرف نهر الافكار النشطة الجارفة والنابعة من عقل متقد، لكن نهر افكاركِ يا سيدتي قد جف كجفاف النهر وباتَ مستنقعا كبيرا سمح لنا بالتكاثر والانتشار حتى وصلنا الى ما تشاهديه الان!.
شعرت عندها بالحزن الشديد، بكيتُ وجَرَت دموعي على وجهي بغزارة ثم صرختُ بأعلى صوتي حتى استيقظت فزعةً من نومي، فأشعلت ضوء الغرفة لأجد كتابا من كتبي ملقىً على الارض وأحد فساتيني كان مرميا على السرير وباب خزانة الملابس كان مفتوحاً. واخيرا كانت هناك قبلة كبيرة مطبوعة من احمر شفاه على المرآة مع كلمات مكتوبة تقول: وداعا، واحرصي على ألا نلتقي مرةً
 اخرى.