السيطرة على منبج.. عنوان الانتخابات البلدية التركية

قضايا عربية ودولية 2019/02/25
...

 
اسطنبول / فراس سعدون
 
ما إن عاد خلوصي آكار، وزير الدفاع التركي، هذا الأسبوع، من زيارة للولايات المتحدة الأميركية بشأن سوريا؛ حتى انخرط، إلى جانب سليمان صويلو، وزير الداخلية التركي، في حملة الرئيس رجب طيب إردوغان الترويجية لانتخاب مرشحي حزب العدالة والتنمية الحاكم لرئاسة البلديات التركية أواخر الشهر المقبل، وسط خطاب مشترك للرئيس والوزيرين عنوانه: “محاربة الإرهاب”؛ ممثلاً أولاً بالتنظيمات المسلحة الكردية المدعومة أميركيا، وسط توعد صويلو بالكشف عن “خفايا” في العلاقات بين الولايات المتحدة وتلك التنظيمات خلال الأيام المقبلة، ما يشي بأن المباحثات مع واشنطن بشأن سوريا لم تحقق مبتغى أنقرة حتى الآن.
 
خطط عسكرية في تجمع انتخابي
وأعلن وزير الدفاع التركي جاهزية الخطط العسكرية لتطهير مناطق منبج وشرق الفرات السورية من التنظيمات الكردية.
وقال آكار، في كلمة سبقت كلمة إردوغان أمام تجمع انتخابي حزبي في ولاية قيصري: إن “خططنا جاهزة لتطهير منبج وشرق الفرات، وتحقيق أمن حدودنا، وتمكين أشقائنا السوريين من العودة إلى منازلهم بأمان”، مؤكدا أن هذه الخطط ستنفذ في الوقت المناسب بتوجيهات من إردوغان.
وجدد الوزير إصرار الحكومة التركية على مواصلة محاربة التنظيمات الكردية حتى تدمير آخر مسلح فيها.
وتريد أنقرة من واشنطن أن تنسق معها سحب قواتها العسكرية من سوريا، وتلبية رغبتها في السيطرة على المنطقة الآمنة المقترحة في شمال وشمال شرق سوريا، ليتسنى لها إنهاء وجود التنظيمات الكردية في تلك المنطقة.
وأخّرت واشنطن تنفيذ اتفاق مع أنقرة لتطبيق “خارطة طريق منبج” القاضية بإخراج التنظيمات الكردية من المدينة السورية، وتشكيل إدارة محلية فيها، على الرغم من إعلان التوصل إلى الاتفاق منتصف العام الماضي.
 
تهديد أسرار الولايات المتحدة والتنظيمات الكردية
وتوعد وزير الداخلية التركي بالكشف، خلال الأيام المقبلة، عن طبيعة العلاقات بين الولايات المتحدة، وكل من حزب العمال الكردستاني (PKK)، ووحدات حماية الشعب الكردية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) في سوريا، وما تكتنف تلك العلاقات من “خفايا”.
وقال صويلو، في اجتماع مع مخاتير ولاية طرابزون، في إطار جولات انتخابية يجريها بين الولايات التركية “سنعلن للرأي العام في الأيام المقبلة ماهية العلاقات بين الجنرالات الأميركيين وتنظيم (PKK) / (PYD) وكيفية تشجيعها، على وفق اعترافات قياديين إرهابيين ألقينا القبض عليهم”، مضيفا أن المقبوض عليهم سيكشفون عن تقديم الجانب الأميركي “هدايا” لتشجيع مسلحي التنظيم وتقويتهم.
وتعلن الحكومة التركية بين وقت وآخر إلقاء القبض على مسلحين أو قياديين في التنظيمات الكردية بينهم 13 من الكوادر المتقدمة وقعوا في قبضة القوات التركية خلال العام الماضي.
 
أي منطقة آمنة تريدها تركيا؟
وتبدو “المنطقة الآمنة” هي “منطقة الخلاف” في المباحثات التركية – الأميركية المتواصلة عبر هواتف الرئيسين التركي والأميركي، وزيارات المسؤولين المتبادلة في واشنطن وأنقرة.
ويرى عمر كوش، الباحث السياسي، أن “المنطقة الآمنة لا يزال الغموض يلفها، وهناك الكثير من الأسئلة بشأنها، منها هل هي منطقة آمنة بالفعل؟ لأن المنطقة الآمنة قانونيا تستلزم موافقة أممية، أو دولية على الأقل، وأن تشهد حظرا للطيران، وبالتالي من سيتكفل بهذه المهمة هل تركيا وحدها؟ تركيا والولايات المتحدة؟ هل سيكون لروسيا وإيران دور فيها؟ كل هذه الأسئلة لا تزال في طور التفاهمات بين الدول المعنية بالملف السوري”.
ويقول كوش، في حديث لـ”الصباح”: إن “تركيا تريد أن تنشئ منطقة آمنة تمتد من القامشلي على المثلث الحدودي التركي – العراقي – السوري، وصولا إلى الضفة الشرقية لنهر الفرات المقابلة لمدينة جرابلس، وهذا سيشمل محافظة الحسكة بأكملها، وجزءا من محافظة حلب عبر مدينتي تل أبيض وعين العرب”.
وينبه كوش إلى أن “تركيا تريد لهذه المنطقة أن تكون مثالا لإعادة الإعمار وإيواء اللاجئين السوريين، وأن تنتشر فيها قوات تركية أو مشتركة مع الولايات المتحدة”، مستدركا “لكن هذا الأمر لا يفهمه الأميركان بهذا الشكل، فهم يريدون حزاما أمنيا يفصل بين الجيش التركي ووحدات حماية الشعب، لأنهم يريدون أن يوفقوا بين حليفين؛ الحليف التاريخي وهو طبعا تركيا، وحليفهم في الحرب على داعش وهو وحدات حماية الشعب، ولا يريديون أن يبدوا للعالم وكأنهم تخلوا عن الوحدات بعد أن قاتلت معهم داعش عبر سنوات طويلة”.
ويذكر كوش، وهو أكاديمي ومحلل سياسي أيضا، أن “الروس والإيرانيين على خط المنطقة الآمنة أيضا، ولذلك عقدت اجتماعات ثنائية، وقمة بين الرؤساء بوتين وإردوغان وروحاني للتوافق”.
ويلاحظ كوش أن “الموقف الروسي أوجد تخريجة للمنطقة الآمنة باتفاقية أضنة المبرمة بين الحكومتين التركية والسورية عام 1998 التي يحق فيها للجيش التركي التوغل حتى 25 كيلومترا داخل الأراضي السورية لمطاردة التنظيمات المعادية”.
ولوح إردوغان أكثر من مرة، في غضون شهرين، بهذه الاتفاقية ولكن إعادة العمل بها يعني بشكل أو بآخر اتصالا مباشرا بين أنقرة ودمشق، وهو قرار لم يتخذ بعد.