الخالدي رحل بعد كشف الحقيقة

فلكلور 2021/08/26
...

باسم عبد الحميد حمودي
 
يوم أصدر الأستاذ محمد عبد الحسين جاسم الخالدي كتابه (مباحث في فن الزهيري) لم تكن لي صلة به, لكني اتصلت به بعد قراءتي كتابه المهم هذا مهنئاً للكشوف التي جاء بها في حقل دراسات الشعر الشعبي.
كان ذلك صباح يوم جمعة من العام 2016 وكنت لا أعرف هاتفه ولكني اتصلت بمدير المطبعة الذي أعطاني الرقم.
لست أدري.. كنت سعيداً بكشوفات الخالدي وتحليلاته الدقيقة, فقد دلل بما لا يقبل الشك على عدم وجود شخصية تدعى الملا جادر الزهيري الذي نسب عبد الكريم العلاف إليه فضل الريادة في هذا اللون من الشعر الشعبي!
أثبت الخالدي أنَّ العلاف قد كذب على الدارسين, وأنه كان ينظم أبياتاً ينسبها الى ما أسماه الملا جادر, وأنه صنع له تاريخاً خاصاً و(حكاية) فيها تفاصيل انطلت على كثيرين ساعدوه في الترويج لها بكتاباتهم المتسرعة في أصول الشعر الشعبي العراقي وأوزانه.
من جهة ثانية أثبت الخالدي الوهم الذي وقع فيه الشاعر السوري عمر فتحي الذي أوجد لنا شخصية أبي الحسن بن القاسم الزهيري, وهي شخصية وهمية (صنعها) لنا الشاعر فتحي مثلما صنع العلاف المدعو الملا جادر!
كشفان جديران بالاعتبار لم يستطع أحد من الباحثين التدليل على ما يخالفهما, وذلك يعني أننا ينبغي أنْ ندققَ في توصلات الباحثين الآخرين و(منقولاتهم), وذلك أيضا ما دفعني للاتصال ذلك الصباح المبارك بالخالدي وتهنئته وإبلاغه أني سأكتب عنه وعن كتابه, وقد فعلت في حينه.
ثوثقت بيننا صداقة طيبة ومشاريع عمل نتج عنها كتابات الخالدي في صفحة (فولكلور) ًمرارا حتى انصرف –رحمه الله – الى دراسة الدكتوراه في التراث في جامعة الكوفة تاركاً مشاريعه البحثيَّة الأخرى.
كان الخالدي قبل هذا رئيساً لتحرير مجلة (السنبلة النجفيَّة) وقد أصدر قبل هذا عدداً من المجموعات الشعريَّة بينها (ذاكرة الماء) و(نشيج وطني) وله في الدراسات (الشعر الشعبي العربي) و(الشعر الشعبي العراقي) وكتاب (مرقد عقيلة الطالبيين في مصر) وهو عن حياة ومرقد زينب الكبرى, دراسة في المكان والشخصيَّة الكبيرة والزمان.
ومن حق الخالدي - رحمه الله- علينا –وقد ذهب دون أنْ يكمل خدمته التدريسيَّة- أنْ يعادَ طبعُ كتبهِ من قبل اتحاد أدباء النجف الأشرف واتحاد الأدباء –المركز العام، ووزارة الثقافة, وأنْ يتولى عارفو فضله طبع رسالته في الدكتوراه بواسطة جامعة الكوفة التي كان يستكمل دراسته العليا فيها.
ذلك بعض حقوق الخالدي الراحل على الثقافة العراقيَّة وأهلها.