بدور العامري
تظهر بين فترة وأخرى عدد من المعلومات المغلوطة والشائعات والاكاذيب التي تتعلق بلقاح فيروس كورنا، وبالتالي يتداولها الناس بقصد او عن جهل في ما بعد، لتصبح حديث مواقع التواصل الاجتماعي، والنتيجة هي تخويف الناس وترويعهم ومن ثمَّ عزوفهم عن اخذ اللقاح الذي وجد لحمايتهم وذويهم من خطر هذا الوباء المستجد واثاره .
كان لـ«الصباح» حديث مستفيض عبر الهاتف مع طبيب التخدير والعناية المركزة الدكتور علي إسماعيل عزيز، الذي يعمل في أحد مستشفيات لندن حاليا، للاجابة على بعض هذه التساؤلات والشائعات والرد عليها بطريقة علمية، استنادا على اخر الدرسات الخاصة بوباء كورونا.
الاخصاب والعقم
هناك عدد من المخاوف التي استندت الى اقاويل وشائعات ظهرت هنا وهناك تربط بين اللقاح والعقم، مصدرها رأي وتساؤل لطبيب الماني خلال نقاش حول لقاحات فيروس كورونا قبل عدة اشهر،وهو(هل من الممكن ان يتشابه التركيب الجيني لبروتين الفيروس الموجود في اللقاح مع التركيب الجيني لاحد بروتينات المشيمة عند المرأة، وبالتالي قد يسبب انتاج الاجسام المضادة عند اللقاح فعالية ضد المشيمة ويسبب الإجهاض والعقم)؟،وهو سؤال طرح لغرض الدراسة والبحث، الا أن أصحاب نظرية المؤامرة تناقلوا الخبر على أنه حقيقة مثبتة لينتقل كالنار في الهشيم.
وتابع الدكتور علي قائلا “لا بد من معرفة حقيقة علمية ثابتة، وهي ان مسألة الحمل والانجاب تتحكم بها عدة غدد عند المرأة والرجل وهي (المبايض والخصيتان والغدة النخامية)، إضافة الى عدد من الهرمونات. وهذه الغدد والهرمونات لا تتأثر بعمل التحفيز للجهاز المناعي، وهي الالية التي يعمل بها لقاح فيروس كورونا، حيث اثبتت الدراسات والنتائج ان بروتين الفيروس يختلف تماما عن البروتينات الداخلة في تكوين المشيمة، كذلك ظهرت دراسة أخرى نشرت في جامعة (لانسيت) لتأكد بعد اجراء التحاليل المختبرية المختصة، انه لا وجود لأي تغيير في الهرمونات المختصة بخصوبة الرجل قبل وبعد جرعتين من اللقاح.
شدة الاصابة
هناك دراسة أخرى من جامعة غازي للعلوم الصحية التركية اثبتت أن شدة الإصابة بالمرض، تؤثر في خصوبة الرجل، في الوقت الذي اكدت هذه المعلومات دراسة صينية وأخرى المانية، الا ان التأثير لم يصل الى مرحلة العقم، حيث خلصت الدراسة الى عدم تسجيل أي حالة من تكون اجسام مضادة ضد الحيوانات المنوية لدى الرجال المشاركين في تجارب اللقاح بمختلف انواعه. وكذلك بينت الدراسة ان وجود مستقبل (ACE2)والذي يعمل عليه الفيروس في المبيض، قد يسبب الإصابة بعض التغييرات فيه. وأضاف الدكتورعزيز: ان عشرات الحالات من الشباب الذين اخذوا اللقاح أجريت عليهم دراسة وفحصوصات الخصوبة، اذ اثبتت عدم تأثرها لديهم، بل اكثر من هذا وجدت أن عددا من النساء حصل عندهن حمل خلال فترة مابعد اللقاح. وهذا الشيء ينفي جملة وتفصيلا كل ما يشاع عن تسبب اللقاح للأشخاص بالعقم. فملخص الحديث ان اللقاح لا يؤثر في الأشخاص، بينما الإصابة الشديدة بالفيروس تسبب نوعا من الضعف او العقم.
التخدير واللقاح
من الأمور التي يتم تداولها مؤخرا هي خطورة التخدير على الشخص الذي تلقى اللقاح، وهذا الشيء غير موجود ولا صحة له، اذ لم تذكر جميع الشركات المصنعة للقاحات انه يوجد تعارض بينها وبين مواد التخدير، إضافة الى جهل من يطلق هذه الشائعات بطبيعة عمل كلا من اللقاح والتخدير. على سبيل المثال يعمل اللقاح على تحفيز الجهاز المناعي بالجسم، بينما تعمل ادوية التخديرعلى مستقبلات معينة (النهايات العصبية) للخلايا ومن ثم لا يوجد سبب او تعارض بين الحالتين او أي تداخل بين عملهما، وتابع الدكتور علي توضيحاته بشأن حدوث حالات وفاة لبعض الأشخاص اثناء اجراء العمليات بعد اخذ التخدير العام، من الممكن أن تكون لأسباب أخرى او مضاعفات يعاني منها المريض، قائلا باعتباري طبيب اختصاص تخدير وعناية مركزة، انصح المواطنين بالتعامل مع اللقاح بشكل طبيعي ولا توجد مشكلة من اجراء العمليات تحت تأثير التخدير العام او النصفي اوحتى التخدير الموضعي لدى طبيب الاسنان وغيرها.
المناعة
واختتم الدكتور علي إسماعيل ايضاحاته هذه المرة بموضوعة وجود بعض التساؤلات حول وضع المناعة لدى الذين أخذوا اللقاح
وهل سيكونون عرضة للعدوى اكثرمن غيرهم؟ قائلا «بعد أن ظهر عدد من الأشخاص غير المختصين لينصبوا انفسهم أطباء وينصحون الملقحين بضرورة حجر انفسهم عن الاخرين بسبب تراجع المناعة لديهم، وهذه الاقاويل جميعها عارية عن الصحة، لان آلية عمل اللقاح وكما ذكرنا سابقا هي تحفيز الجهاز المناعي وبذلك تصبح المناعة اقوى من ذي قبل، لكن الدراسات بهذا الشأن
تنصح بضرورة اخذ جميع الاحتياطات الاعتيادية، من حيث ارتداء الكمامة والتباعد الجسدي، اسوة بغير الملقحين الى فترة أسبوعين من اخذ الجرعة الثانية، باعتبار ان هذه الفترة هي التي يكون فيها مستوى المناعة باعلى قمته.