التوأم

اسرة ومجتمع 2021/08/28
...

قاسم موزان 
 
قد تجهل الأم التي تنجب توأما في كثير من الاحيان عن كيفية التعامل التربوي الايجابي مع سلوكيات المولدين، وتصرفاتهما وعلاقتهما مع بعضهما في صور شتى تستقطب الانظار، وهي تعدها اعتيادية شأنها شأن بقية الاطفال الاخرين الذين ولدتهم، في حين أن الاطفال التوأم لهما سايكولوجية وأمزجة تقترب من بعضهما في اللهو واللعب والاهتمامات المشتركة او التصاقهما الجسدي، سواء كان بارتباطهما الروحي منذ وجودهما في رحم الام وحتى اطلالتهما في الحياة. وتبقى تلك الصلة ممتدة الى زمن وكلاهما يشعران بغياب الآخر ويتحسس غيابه ببراءته، و«تشير بعض الدراسات بوجود لغة خاصة في التفاهم او المناداة اوالتواصل وأن 40 % تقريبًا من التوأم يتواصلان مع بعضهما بلغة معينة، يصعب لاي شخص فك شفراتها» لذلك يتحتم على الوالدين اسداء رعاية استثنائية لهما والابقاء على العلاقة الوطيدة بينهما وتنميتها، وعدم التمييز على اساس اللون او الشكل، فكثير من التوأم لايأتيان متشابهين.
إحدى السيدات «ام لتوأم» قد تحتم عليها السفر تستغرق اسبوعا لانجاز مهام وظيفية وكان بامكانها استصحاب طفل واحد واحد. أما الطفل الثاني يبقى هو العائق فمن يقوم برعايته والاهتمام به؟ وبعد تفكير قصير قررت الأم أن تتركه في بيت اهلها، فهم قد اعتادوا عليه خلال زيارتهم المتكررة لهم وينال الرعاية والحب، بعد زمن قصير استشعر الطفل بمجساته البريئة غياب قرينه الروحي، فأخذ يبحث عنه في أروقة المنزل وزواياه عن قرينه وينادي عليه بلغة غير مفهومة مع صراخ مدو ويجهش ببكاء مؤلم، وانقطع عن المأكل والمشرب وما عاد تهمه الألعاب او الاغراء بلعب جديدة، ولم يلتفت الى المداعبات واللهو معه ثم يصمت ساكنا لا يحركه وبذل الاهل جهود كبيرة لاقناعه بالعودة الى طبيعته المعتادة في المرح، وقد ظهرت على ملامحه علامات الانكسار، ولجأ الأهل إلى طريقة ذكية لامتصاص حزنه بتشغيل كاميرا الاتصال من الهاتف الذكي لمشاهدة توأمه. 
وهنا انفرجت اسارير الطفلين وأخذا يتحدثان بشغف كبير ويضحكان معا وتعلق بالهاتف بشكل يثير الاستغراب.
عندما عادت السيدة من سفرتها اشتكت من تصرفات القرين الذي استصحبته معها، وتبادلت مع اهلها المعاناة والصعوبات التي واجهوها لارضاء اي من التوأم، ان محاولة الفصل بين التوأم تحت اي ظرف يمكن ان يلحق الضرر النفسي، فيهما ويترك آثارا حادة في السلوك والتصرف في الانكفاء الذات والانزواء وعدم قبول الاخر بسهولة وصعوبة اندماجه في مجتمعه الصغير.