هل يُرضي القارئ طموح الكاتب؟

ثقافة 2021/08/29
...

  ضحى عبدالرؤوف المل
 
يتمنى كل كاتب أن تغمر كتبه العيون القارئة، والفكر الباحث عن أهمية الكتاب، وما يحتويه من معرفة في حياة الإنسان بشكل عام. وما يشكله بتنوعه الثقافي من قدرة على الترفيه المبرمج او بمعنى آخر الترفيه الثري أدبياً. فضلا عن شخصية القارئ وقوته في تحليل ما يقرؤه وينقله إلى أقرانه، عبر ديناميكيات التواصل الاجتماعي الأدبي منه خاصة. مما يسمح بمعالجات تبادلية تتطور عبر ترسيخ الذاكرة من خلال تسلسل الحدث وتفاعلاته مع الشخصية الرئيسة التي تطغى على اسم الكاتب، كما في قصة (البؤساء) للكاتب فيكتور هوغو وخلود البطل والفتاة ومحاربة الظلم، وقصة (أحدب نوتردام) وتعلق القارئ (بالأحدب) وما يثيره من تخيلات عن واقع زمني في مكان ساحر يثير الكثير من اعجاب القارئ. فهل يمكن القول إن الكتاب هو أكثر أهمية من الكاتب؟، وهل يمكن أن يشتهر عنوان لمؤلف كتابي أكثر من كاتبه؟، ومتى يطغى موضوع كتاب ما على القارئ متجاوزاً بذلك الكاتب لما يحتويه من معاني اقوى مما يعتقد القارئ؟.
يهدف الكاتب إلى تحريك الفكر الإنساني من خلال ما يزرعه من كلمات يعزز بها الصور المتنوعة للمعاناة والافراح والحزن والمآسي الاجتماعية والسياسية، وحتى النفسية ليسلط الضوء على أزمنة وأمكنة شتى منها التاريخي والأسطوري والواقعي، وبشكل يسهم في التوعية والمعرفة معا. فهل يحاول الكاتب مشاركة القارئ بما ينسبه لأبطاله من صفات حميدة وأخرى شريرة او قوية في تسلطها؟، كبعض شخصيات الأديب نجيب محفوظ؟، أم أن يبرر رؤيته التي يضعها أمام القارئ من خلال المجتمعات التي يبنيها بمختلف الأذواق وأنواع الشخصيات واغراءاتها التي تجلب رضى القارئ أو سخطه؟.
يكشف بعض الكتاب عن قدرة في اكتشاف الخبايا المبطنة للكثير من الأحداث التاريخية التي وقعت في الماضي، كما في رواية (زرايب العبيد) للكاتبة الليبية نجوى بن شتوان، ولكن قد يتعلق القارئ بشخصية متفردة تقوده الى اكتشاف الكثير من الحكمة واساليب الحياة، كما في (طفل الرمال) والكاتب طاهر بن جلون وقوة اكتساب قارئه الدهشة التي يثيرها من خلال غرابة الشخصيات وتفردها في مجتمعاتها من دون إقصاء القارئ عن لغته بل بتمكينه من سد الفجوة التي قد تقع بين القارئ والكاتب او بين القارئ والشخصيات. فهل شخصيات ديستوفيسكي تنازعت في ما بينها مع القارئ أم أنها بقيت بالموازاة مع كاتبها الذي حررها من سلطته، وتركها تحت سلطة القارئ الجيد
والمتوسط معا؟.
يبقى للقارئ طموحاته الخاصة في ما يختاره من كتب قد تحمل في طياتها الكثير من الشخصيات التي تشتهر بخصالها الحميدة او العكس، وكما في رواية (أليس في بلاد العجائب) وشهرتها القوية كشخصية عجائبية خيالية استطاعت ان تنقل القارئ معها من حدث الى حدث، كأنه ينتقل معها من بلد الى بلد بعيداً عن الكاتب الانكليزي (تشارلز لوتودبرج دودسون) الذي كتب تحت اسم مستعار وهو (لويس كارول) حيث اشتهرت بطلته أكثر من كاتبها. 
فهل رضي لويس كارول عن قارئ كتابه؟، أم أن دونكيشوت الذي ذاع صيته وبات فارس الظل الحزين رمزا لفروسية أزال غموضها وكلاسيكيتها وتقاليدها الكاتب الاسباني ميغيل دي ثيربانتس بترسيخها أكثر في ذاكرة القارئ وانطباعه عن بطل مجنون لكاتب امسك هزليا بشخصية نالت نصيبا من الشهرة بشكل كبير. فهل الكاتب المتمرس يذوب مع شخصياته، وكأنه في قارب مع الشيخ والبحر وفتاه وسمكته؟، أم أن خاطف الأرواح في رواية امير تاج السر وروايته تخطى عنوانها وهي جزء مؤلم من حكاية؟، وماذا عن الشاهنامة للفردوسي ألم تُرضي القارئ كما العراب لماريو بوزو؟.