أفلام الويسترن بين الشعبيَّة والانحسار

الصفحة الاخيرة 2021/08/30
...

  ميسون أبو الحب
 
وتمتع هذا النوع من الأفلام بشعبية هائلة على مر السنوات وكانت الذروة بين 1930 و 1960 ثم شهد انحسارا قبل أن يستعيد نوعا من الحيوية، بدءا من عقد التسعينيات ولكن بعدد أفلام أقل بكثير. 
وتركز أغلب قصص هذه النتاجات على الانتقام ونصرة العدل وملاحقة رجال عصابات وخارجين عن القانون إضافة إلى مواجهة هجمات سكان البلاد الأصليين (الهنود الحمر)، وعادة ما تتكون من عناصر رئيسة لا بد أن تتوفر فيها وهي على الأغلب: مستوطنون بيض وجلسات قمار ورجال قانون وعصابات وصائدو جوائز وحانة وعدد من سكان البلاد الأصليين أي الهنود الحمر، ومالكو أراض وبعض الشخصيات في البلدة هم في الأغلب من يعملون في الحانة أو بائعون في محل بقالة، إضافة طبعا إلى قطيع أبقار ورجال يمتطون خيولا يحيطون بها نسميهم رعاة البقر أو الكاوبوي. يمكن أيضا إضافة بعض الاسبان والمكسيكيين وجلسات ليلية حول نار في وسط البرية وعزف على آلة هرمونيكا أو اوكورديون وسهول ممتدة وجبال وعرة وبيوت خشبية بسيطة وسجن وحظيرة وشارع رئيس في البلدة وشجرة تُستخدم لتعليق حبال الشنق وعربات تجرها خيول، ويبقى العنصر الرئيس فيها المسدسات والبنادق وإطلاقات نارية ومواجهات بين ممثلي الخير والشر ومشاهد مبارزة، وكانت استوديوهات هوليوود تبني بلدات كاملة من أجل تصوير أفلام من هذا النوع. 
 
بدايات
أُنتج أول فيلم ويسترن في عام 1903 وكان عنوانه {سرقة القطار الكبرى The Great Train Robbery} وقد لاقى نجاحا كبيرا وكان هو الذي وضع أسس أفلام الويسترن التي ستبقى ثابتة تقريبا على مر العقود، وقد تمتعت هذه الأفلام بشعبية واسعة جدا وأُنتج منها عدد يصعب إحصاؤه وبرز فيها ممثلون متمرسون أهمهم غاري كوبر وجون واين وبرت لانكستر وكيرك دوغلاس ويول براينر وهنري فوندا ثم ظهر كلينت إيستوود في فترة لاحقة بفضل افلام السباغيتي، وجون واين هو الذي مثل أكبر عدد من أفلام الويسترن على الإطلاق.
وخلال فترة الستينيات تعرضت هذه الأفلام إلى انتقادات ومراجعات بسبب طروحاتها وكان فيلم {الرجل الصغير الكبير} إنتاج 1970 من إخراج آرثر بين من أهم النتاجات التي ناقضت كل ما طرحته أفلام الويسترن قبله، لا سيما على صعيد العلاقة بين المستوطنين وأصحاب البلاد الأصليين، وكانت الأفلام السابقة تعرض الهنود كمجاميع همجية تهوى قتل المستوطنين وهو ما يكذبه فيلم {الرجل الصغير الكبير} تماما، والفيلم من بطولة داستن هوفمان، وهناك أيضا فيلم {العصابة البرية} إنتاج 1969 ويُعد واحدا من أهم أفلام الويسترن لأن البعض قرأ فيه اعتراضات على حرب فيتنام التي كانت تدور رحاها في ذلك الوقت. 
 
أفلام السباغيتي
بدأ انحسار أفلام الويسترن في بداية الستينيات مع ظهور نوع جديد يركز على قصص غزو الفضاء أو تعرض الأرض إلى غزو من كائنات فضائية، وهنا أيضا نرى بطلا يمثل الخير يحارب أشرارا، فحل هذا النوع محل الويسترن بشكل كامل تقريبا، أضف إلى ذلك اهتمام الناس بالتلفزيون الذي منحهم فرصة متابعة الكثير من دون الحاجة إلى مغادرة المنزل.
ولكن مخرجين أوروبيين قرروا منح أفلام الويسترن حياة جديدة من خلال إنتاج أفلام شبيهة، لا سيما في إيطاليا حيث كُلف الإنتاج أقل بكثير.
وضمن هذه الموجة ظهر كلينت إيستوود في فيلمه الشهير {من أجل حفنة من الدولارات A Fistful of Dollars} إنتاج 1964 ثم في {الطيب والسيئ والقبيح The Good, The Bad and The Ugly} إنتاج 1966، والاثنان للمخرج الإيطالي سيرجيو ليون.
تعبير أفلام السباغيتي أطلقه نقاد سينمائيون أميركيون على هذه الأفلام في ستينيات القرن الماضي وهي تتميز بأن أغلب الممثلين والعاملين فيها إيطاليون وعادة ما كانت تُصوَّر في إسبانيا وتركز فيها الكاميرا على الوجوه وتفضل اللقطات القريبة لانعدام المساحات السهلية الممتدة والجبال الوعرة كما في الغرب الأميركي.
وفي نهاية السبعينيات فقدت أفلام السباغيتي مشاهديها وبدأت تموت هي الأخرى ويرى البعض أن السبب يكمن في تغير أذواق المشاهدين وفي نفور الأميركيين من تذكيرهم بما فعله المستوطنون الأوائل وكيف تعاملوا مع سكان البلاد الأصليين. 
وفي تلك الفترة ظهر عدد قليل من أفلام الويسترن منها {يدعونني بالمتمرد They Call Me Renegade} بتاريخ 1987 و{يرقص مع الذئاب Dances With the Wolves} إنتاج 1990، عن جندي في فترة الحرب الأهلية يقيم علاقات صداقة مع هنود حمر ويُعجب بطريقة حياتهم الهادئة البسيطة، فينضم إليهم ويعيش معهم ولكن قوات اتحادية تصل لاحقا إلى المنطقة في نية الاستيلاء على أراضيهم. 
وأخيرا، يمكن القول إن أفلام الويسترن هي أكثر أنواع الأفلام شعبية على الإطلاق مقارنة بكل الأنواع الأخرى.