نقادنا القدامى هل يتذكرهم أحد؟

ثقافة 2021/08/31
...

ياسين النصير
سيقول البعض لماذا لم تتذكرهم أنت؟، حتى تطالب الآخرين بأن يتذكروهم؟، بالطبع هذا من الأسئلة السهلة، والمتداولة، كنا في التنظيم الحزبي عندما يقترح احد الأعضاء فكرة أو مشروعا او قضية، يبادر المسؤول بالقول «رفيق اعملها أنت وخل نشوف نتائجها». ولما كان الرفيق مجرد قد عرض اقتراحا قد يكون مدركا لابعاد تحققه او لا يملكها بالكامل، يجاب عن سؤاله بسؤال يقمع المشروع، ويقمع في الوقت نفسه اية مبادرة من قبل الآخرين. والخلاصة ليس كل ما نقترحه نستطيع القيام به.
النقاد الذين عنيتهم عراقيون، ولهم فضل كبير على الثقافة العراقية، بالرغم من أني اتفق او لا أتفق مع طروحاتهم، ولكنهم نقاد أسهموا في الكتابة عن الإنتاج العراقي، ورسخوا بعض القيم النقدية للتداول الثقافي، واستحقوا منا ان نذكرهم، ليس عن مستوى مقالة اكتبها او نداء اصدره كدعوة، إنما كمشروع ثقافي للكتابة عنهم، ويتولى اتحاد الأدباء، او وزارة الثقافة القيام بهذا المشروع.
الأمر إذا ليست دعوة للكتابة المفردة عن النقاد، بل هي دعوة للتذكير بنقادنا الذين اسهموا في بلورة تيار نقدي عراقي، اذكر منهم لا على الحصر:  الدكتور علي جواد الطاهر، الدكتور جلال خياط، الدكتور علي الزبيدي، الدكتور عناد غزوان، الناقد نهاد التكرلي، الناقد يوسف نمر ذياب، الناقد طراد الكبيسي، الناقد عبد الجبار عباس، الناقد عبد الجبار البصري، الناقد مؤيد الطلال، الناقد عبد اللطيف الراوي، الناقد علي مزاحم عباس، الناقد احمد فياض المفرجي، الناقد والقاص مصطفى عبود، وآخرون، إذ يؤسفني ان لا تسعفني الذاكرة وهم اغنياء بالتأكيد عن التعريف، آمل ان يستدرك البعض أسماءهم.
ما الذي حققه هؤلاء النقاد كي يفرضوا علينا التذكير بهم؟، لا شك انه السؤال المنهجي الذي يغيب عن الكثيرين خاصة الاجيال الجديدة من طلبة الدراسات العليا ومن القراء المختلفين، ان دور هؤلاء كان الأكثر حضورا من دورنا النقدي اليوم، لانهم أولا كانوا الابتداء لريادة حقل- كل في مجال اختصاصه- فابدعوا فيه، إذ كتبوا ضمائرهم في مادتهم، بالرغم من بعض الهفوات التي فرضتها عليهم مواقفهم الحزبية والصداقية، وثانيا كتبوا مايعرفونه بالرغم من شح المصادر النقدية عمّا يقوّم الثقافة العراقية، وثالثا نادرا ما كان هؤلاء النقاد يتعالون على الثقافة العراقية او يدعون بما ليس فيها، على العكس من البعض الذي وضع نفسه في دائرة الاهتمام بالرغم من عدم كفاءته النقدية. 
أنا لا أتكلم عن النقاد بعد ان اخذوا شهادات عليا في النقد، ثم تخلوا عن النقد وانصرفوا لتدريسه للطلبة في الجامعة، وهذه مهمة كبرى لايمكن اغفالها، لأن الدرس النقدي في الجامعات رسالة تبليغ لعدد كبير من الطلبة، ونقلة في الوعي الثقافي عندما يتحول الطالب من قارئ عادي للأدب إلى ناقد رأي، يعني ان خزينته قد امتلأت بالفكر الفلسفي، إلا أن الملاحظ على هؤلاء انهم تخلوا عن مهمتهم الثقافية واعتبروا النقد مرورا للشهادة العليا. في حين ان جل النقاد الذين اتيت على أسماء بعضهم لم يكونوا اساتذة جامعات لكنهم حققوا في ميدان اشتغالهم الثقافي والصحفي والتعليمي ما لم يحققه المئات ممن اخذوا شهادة باسم النقد الأدبي.  وحتى لا يشت بنا المقام، هذه دعوة للجهات المعنية ان تعيد حضور هؤلاء النقاد العراقيين لذاكرة الأجيال الجديدة/ موضوعات أكاديمية ومقالات صحفية ونقدية.