مفتاح التأهل

الرياضة 2021/09/01
...

خالد جاسم
 
قبل أن يدشن منتخبنا الوطني مشوار التصفيات الحاسمة المؤهلة الى مونديال 2022 ، كتبت مرات عدة عن ضرورة التفكير والعمل عند لاعبي المنتخب وملاكهم التدريبي على إدراك الفوز في كل مباراة وكسب نقاطها الثلاث، مع ضرورة اعتبار كل مواجهة نخوضها على أنها مباراة نهائية حاسمة لا تقبل بغير خيار الفوز . 
وهذا التفكير المنطقي في لعبة قد تتعدى أحداثها وظروف مبارياتها حدود المنطق أحيانا، هو كفيل بتجنب متاعب ومطبات قد تصادفها وأنت في الطريق، وهو أمر يتجلى بشكل واضح في مواجهات نظام المجموعات وأهمية كسب المواجهة الأولى التي كثيرا ما تكون المفتاح المؤدي الى كسب الجولات الأخرى، بعد استحضار كامل القدرات الفنية والبدنية والمعنوية، وهو أمر سوف يتجلى في المواجهة الأولى العصيبة مع عملاق القارة الصفراء كوريا الجنوبية، في مواجهة ستكون قاسية وصعبة على الفريقين في كسب جائزة المباراة، برغم الأرجحية الصريحة للكوريين، سواء على الصعيد الفني أو تمتعهم بميزة اللعب على أرضهم . 
وبعيدا عن الخيارات التكتيكية التي وضعها المدير الفني لمنتخبنا أدفوكات في المواجهة الصعبة مع كوريا الجنوبية، ومع امتلاك مدربنا كل المعلومات التفصيلية عن قدرات المنتخبات المتنافسة في مجموعتنا ومنها الفريق الكوري الجنوبي، فإن مسؤوليته صارت مضاعفة ولا تحتمل نوعا من التسرع وضعف التركيز أو اللجوء لما يسمى بخيار المجازفة في كرة القدم، وهو خيار يكاد يكون أشبه بلعبة قمار نحن في غنى عنها، إذا رتب المدرب أوراقه بصورة منطقية وتنسجم مع رؤاه للهدف الأهم، وهو تجنب الخسارة بأي طريقة ممكنة، ومنتخبنا الوطني جزء من الصورة المختصرة للصراع الساخن بين منتخبات القارة الصفراء، ومشواره الحقيقي سوف ينطلق اعتبارا من مواجهة الغد التي كثرت مسمياتها بين معركة التحدي .. مواجهة المصير .. نكون أو لا نكون .. مباراة لا تقبل القسمة على اثنين .. مباراة الحسم .. هذه كلها عبارات تصلح أن تكون عناوين لمباراتنا مع الفريق الكوري، وفي الإمكان إضافة عناوين أخرى وجميعها تنطبق على تلك المواجهة، وهذه العناوين لم تغادر الكثير ولا نقول جميع المهمات التي خاضها منتخبنا الوطني منذ سنوات ليست قليلة، فلا توجد هناك مهمة استثنيت من هذا التوصيف إلا في حالات نادرة جدا، فمعظم البطولات والمباريات التي نلعبها تبلغ فيها الأمور درجة الإحراج، والتأزم الذي كثيرا ما نصنعه بأيدينا ونضع أنفسنا في مواقف لا نحسد عليها، وهي معادلة كروية لا أعتقد أن لها نهاية قريبة أو منظورة، طالما بقي التخبط وسوء التدبير والافتقاد الى التخطيط في أبسط حالاته في كامل منظومتنا الكروية وليس فقط في مسائل تحضير وتهيئة منتخباتنا الوطنية. 
وبرغم كل مؤشرات التفاؤل التي تذهب في اتجاه تحقيق نتيجة مشجعة أمام الكوريين، وفي ظل حضور الفوارق الفنية والبدنية بين المنتخبين، إلا أن الجوانب النفسية والمعنوية تكاد تكون في صالح منتخبنا بشكل كبير لاعتبارات عديدة، منها الثقة العالية والحماسة الكبيرة التي يتسلح بها لاعبونا، بعد تصاعد مؤشرات التقدم الفني في الأداء والنتائج الايجابية، والزخم الجماهيري الكبير الذي يشكل مظلة معنوية قوية للاعبين والملاك التدريبي، لكن الحذر يبقى مطلوبا واللعب بمنطق الفوز كخيار وحيد برغم صعوبته كخيار لا بديل عنه، يجب أن لا يدفعنا الى التخلي عن احترام قدرات الخصم والاستهانة به، ومن دون التفلسف في الأمور الفنية التي بات كل متابع من جمهورنا مدركا لها وفاهما تفاصيلها، وهي ليست بالخافية عن ذهن مدرب منتخبنا الذي وضع في حساباته بكل تأكيد من أين يمكن تجنب الخسارة عبر استغلال نقاط الضعف في أداء الكوريين، وتوظيف مكامن القوة لدى لاعبينا بطريقة تجرد الخصم من خطورته أولا، والضغط المبكر والمتواصل عليه من أجل تحقيق التفوق الذي لن يأتي بسهولة، بل بقدر ما يبذله اللاعبون من مجهودات استثنائية مطلوبة في لقاء الغد، فتاريخ المواجهات السابقة بين المنتخبين بكل ما تحمله من ذكريات سعيدة وحزينة لكليهما، لن ينفع في تقرير مصيرهما، بقدر ما سوف تقرره عقول اللاعبين والمدربين وما ينتج عنها حتى الصفارة الأخيرة لحكم المباراة، ومن يبقى هو من يخطف الفوز مهما كانت درجة الأداء، ويكمل المشوار مع بقية الأقوياء، بينما يتحتم على الخاسر إعادة حساباته، وكلنا ثقة وتفاؤل في قدرات لاعبينا، ومتى ما أدرك منتخبنا الأسلوب الصحيح والطريق المختصر للتحدث بلغة الفوز، فسوف يكون التأهل أمرا في متناول اليد، وعندها يكون لكل حادث حديث .