بناء الثروة

الصفحة الاخيرة 2021/09/03
...

جواد علي كسار
يعجّ العالم حولنا بتجارب ناجحة في بناء الثروة، تدور حول قصص قد يبدو بعضها هزيلاً لا يُلفت النظر، وبعضها الآخر قد لا يخطر على بال.
ربما تابع أكثرنا أو بعضنا قصة الشاب العشريني، الذي تحوّل إلى مليونير من أعقاب السكائر، فقد انطلق الشاب الهندي نامان غوبتا من مدينة أوتاربراديش، ناشطاً بيئياً، كان يحرص على تخليص مدينته من ظاهرة التدخين العشوائي، ومن التلوّث الذي تتركه 
أعقاب السكائر، مما يرمي به المدخنون من دون ذوق، ويفعلونه ليس في الهند وحدها بل في العراق وفي معظم البلدان.
قرر الناشط البيئي الهندي الذي لم يتخط عمره (26) عاماً، أن يجمع أعقاب السكائر، ويقوم بتدويرها، وهذا ما قام به فعلاً منذ عام 2016م ولا يزال، إذ استطاع أن يجمع منذ ذلك التأريخ ما يساوي (3) 
ملايين عقب سيكارة، أو ما يعادل (100) ألف كيلو غرام، قبل أن يتحوّل إلى تأسيس شركة مختصة بجمع أعقاب السكائر وإعادة تدويرها تحمل اسمه، هي شركة نامان.
باختصار شديد، أصبح للشركة موظفوها والعاملون بها، وتقوم شهرياً بجمع ستة آلاف كيلو غرام من أعقاب السكائر، عبر حاويات خاصة وزعتها الشركة بالقرب من الباعة المتجولين ومتاجر بيع السكائر، ومناطق كثافة المدخنين، مع تقديم أجر محدد لكل كيلو غرام واحد، يقدمه من يجمعه إلى الشركة.
ويقوم مصنع نامان بفصل الأعقاب إلى ثلاثة أقسام، هي الفلاتر والورق ومخلفات التبغ، أما الفلاتر فيحوّلها المصنع إلى دمى وحاملات مفاتيح وألعاب مختلفة وحشوة للوسادات، في حين يصنع من الورق والتبغ سماداً يُباع للمزارعين، ومواد خاصّة طاردة للبعوض، بحيث استطاع هذا الشاب الهندي، أن يحصد منذ أن بدأ نشاطه قبل خمس سنوات، ثروة ضخمة فاقت المليون دولار.
ليست قليلة أبداً تجارب بناء الثروة التي شرع أصحابها من الصفر، وانطلقوا من أمور عادية قد لا تخطر لنا على بال، لفرط ما ألفناها، وفي ذاكرتي المزيد من هذه التجارب التي عايشتها ومرّرت بها عن قرب في أكثر من بلد، سأعود لها لاحقاً بإذن العزيز.