سارة حسين.. ترسم صورة من الإصرار في الشارع العراقي

اسرة ومجتمع 2021/09/03
...

 بغداد: رشا عباس 
 
تحولت صورة التقطت بالصدفة لفتاة تحمل كتابها على متن عربة ابيها الصغيرة المتهالكة من نوع «ستوتة» الى حدث بارز شغل منصات التواصل الاجتماعي مؤخرا، التي نالت اعجاب المتلقين، لا سيما الشركات والمساهمين والجهات المعنية الذين سارعوا الى تكريمها ومساعدتها.
 الطالبة تدعى سارة حسين وهي من أهالي مدينة الكوت مركز محافظة واسط تقول لـ«الصباح»: ما حدث كان بمحض الصدفة، حيث لا نعرف من التقط الصورة لي ولوالدي، عندما كنت ذاهبة لتقديم الامتحان، كون العربة مكشوفة تماما لجميع السيارات المارة من حولنا، وفجأة انتشرت صورتي التي باتت تشكل محور اهتمام بعض الناس، مشيرة الى أن كل ما خططت له قبل الذهاب الى المدرسة هو كيف اصل الى تلك القاعة الدراسية، لاداء اختبار المادة الاولى من الامتحانات. ولم يخطر ببالي ما حصل من ضجة على مواقع التواصل الاجتماعي، بحيث أكون خبرا يتداول بين الصفحات، اذ شعرت من الوهلة الاولى أن تلك العربة تحمل «سندريلا» وهي في طريقها الى الحلم الذي يوما ما سيتحقق وتتحول الى سيارة حديثة بالاصرار والتحدي. واضافت حسين، الظروف لم تكن عائقا امام احلامي، بل على العكس كانت حائطا قويا استند اليه. ولهذا لم يكن في بالي عندما خرجت الى الامتحان، سواء أن أكون إحدى الطالبات التي تحظى بمعدل عال يؤهلها الى دخول المجموعة الطبية لغرض التعيين من جهة، ومساعدة شقيقها المريض البالغ 18 عاما والذي يعاني من تشوهات في القدمين والفك والصدر، هو بحاجة للمعالجة خارج العراق، حيث تبلغ تكلفة العلاج نحو 8 آلاف دولار من ناحية أخرى.
 
تواضع وتحد
وعن موقفها وهي تشاهد صورتها تنتشر بين الصفحات، توضح سارة أنها تشعر بسعادة لما شاهدته من تعليقات ايجابية تعلمت من خلالها درسا مهما في الحياة، إن الانسان مهما كبر وارتفع بمستواه العلمي والاقتصادي، فهو يبحث عن قيم الحياة من التواضع والتحدي والاصرار ويشجع عليهما، وهذا ما لمسته من خلال التعليقات، فضلا عن الدعم، الذي قدم سواء بالكلمة او الفعل، اشعل نيران الفرح بداخلي واثبت حقيقة ان بلدي يحتضن أشخاصا لا تزال الانسانية تتصدر اولوياتهم.
 
منظر طبيعي
المعلقون تفاعلوا على نطاق واسع مع الصورة بين من أعدها مصدرا للتحدي والإلهام، وبين من عكس حجم المعاناة والفقر، الذي تعيشه فئة كبيرة من العراقيين، اذ اوضحت رسل محمد احدى اولياء الامور تلك الصورة فريدة من نوعها، وسط الاجواء المتوترة، التي تعيشها اغلب الطالبات في يومنا هذا، من حيث التباهي وعدم الشعور بالرضا، عما يقدم الاهالي لهم. فهم يطمحون الى مستويات عالية ومطالبات كبيرة تكاد ترهق كاهن الابوين، ما يضطر البعض منهم ترك الدراسة والانشغال في كيفية الحصول على الحاجات المستوردة والتخلص من الظروف الصعبة عن طريق الزواج، بشخص يكبرها سنوات، بينما استخدمت مديرة المدرسة منتهى راضي تلك الصورة كمثال توضيحي يعلم طالباتها معنى الاصرار والتحدي والرضا، وكيف العالم يصفق لهذا المنظر الجميل، مؤكدة ماشاهدنا اليوم هو منظر طبيعي ترسمه العديد من الطالبات ليس سارة فقط. فالكثير منهم لاترى سواء المستقبل والصعود الى سلم النجاح، معدة الشهادة سلاحها الوحيد الذي يشهر اما الفقر والعوز، متمنيا من الطالبات التركيز على الكتاب وجعله الصديق المقرب الى قلوبهم لفهم ما يدور بداخله والحصول على ما يطمحون اليه. وفي الختام تمنت سارة الموفقية الى زميلاتها من مختلف المحافظات العراقية، مقدمة شكرها وتقديرها الى جميع من بادر في دعمها، سواء بالفعل او الكلمة الطيبة والى جميع من دعا لها بالنجاح.