الضرائب المباشرة وغير المباشرة، تستوفيها وزارة المالية لقاء خدمة غير مباشرة عادة، وهي عبارة عن وعاء يتسع ويضيق حسب ظروف الخدمة العامة ليصبح موردا لتيسير امور متعددة.
وحسبما استجد في الورقة البيضاء، لمواجهة عثرات ومراوحات طالما كانت وما زالت مهيمنة على الاداء العام للحكومة، فانها تحاول جادة لابقاء الامور تحت السيطرة لتمسك الزمام، فعندما تعلن وزارة المالية ان المبلغ المستوفى كضرائب بلغ 1 % من الناتج القومي، وهي نسبة ضئيلة جدا ليس لها قرين في اي نظام ضريبي.
وما دام المسكوت عنه راهنا في التعاطي مع الموقف المالي اجمالا، فقد ترتب على هذا الخلل البنيوي، رغم القوانين الساندة للتحصيل الضريبي، أن جعل الدين الخارجي والداخلي رقما صعبا معرقلا للتنمية وتدور حوله نقاشات الموازنات السنوية.
كل هذا والتجارب الدولية التي جربناها مع المؤسسات العالمية، لنصل الى فن ادارة خدمة الدين اولا، ما زال الاقتصاد الحقيقي هامشي الاداء وتحدده نوعية الفساد، فلا شك ان هناك علاقة وثيقة بين استشراء الفساد وتفاقمه، وبين العوامل الخارجية المحرضة عليه والداعمة له، اذ ارتبطت العديد من حالات الفساد بتحقيق اهداف ستراتيجية لدول اخرى.
فالنشاط الاساس الذي يدور حوله هذا النوع هو التحويل الخارجي للاستيراد من بيع الدولار، اذ لا تفرض ضريبة وقائية عليه، لأن الضريبة عند المنافذ كانت غير محددة او منظمة المدخلات والمخرجات، والتي من المفروض ان تخطط مع اتجاهات الضريبة بما يخدم التنمية.
فالوعاء الضريبي لهذا النشاط يمثل المالية العامة، من عجوزات وخدمة دين يتفاقم مع الايام.
فهذا الوعاء هو سوق العملة اذا ما علمنا أنه يبيع كمعدل 160 مليون دولار يوميا لتصبح المبيعات السنوية ثمانية وثلاثين مليارا واربعمئة مليون دولار، واذا كانت نسبة الضريبة 9 % يكون المبلغ ثلاثة مليارات واربعمئة مليون دولار سنويا، فهل تستحصل هيئة الضرائب هذا المبلغ من المصارف الاهلية المستفيدة؟.
والباب الثاني ذو العلاقة الخارجية هو شركات النقال، فقد قدرت المبالغ المستوفاة من 7 ملايين عائلة خلال سنة واحدة بـ ثلاثة ترليونات وستة مليارات دينار، فهل استوفت هيئة الضرائب تلك الاموال؟.
ان هذين النشاطين يمثلان مدار وحصاد الاقتصاد الريعي، فعندما نرى هذا النشاط الذي خلق قطاعا خاصا به، بمعزل عن باقي الانشطة (ان لم يكن على حسابها ويكبحها)، اضافة لصنع تشوهات في الادارات التنفيذية، ابرزها استيفاء ضرائب الدخل من اثرياء القطاع الخاص الجديد، لان القطاعين الزراعي والصناعي لا يسددان ضرائب كما كانا، ليس تهربا، لكنه كواقع فرض بعد هيمنة هذا القطاع الطفيلي.
فالوعاء الضريبي حسب الاستحقاق القانوني كاف لمواجهة الدين والعجز او على الاقل يدفع باتجاه النهوض بالقطاعات الحقيقية لاقتصادنا، اذا ما نجحت ادارته في تخطي العقبات المذكورة.