قصيدة {جيكور أُمّي} للسيّاب المنطق الرياضي التجريبي

ثقافة 2021/09/05
...

 ريسان الخزعلي
 
جيكور أُمّي، قصيدة السياب - مجموعة شناشيل ابنة الجلبي، جاء في هامشها التوضيح
الآتي:
إذا كان (3) (فاعلاتن مستفعلن فاعلاتن) = (3) فاعلاتن (3) مستفعلن (3) فاعلاتن، فإن الفرضية التي تقوم عليها هذه القصيدة موسيقياً صحيحة...، غير أني لم ألتزم بذلك إلا في الأجزاء الأولى
من القصيدة.
السياب، هنا يُحاول التجريب على البحر الخفيف، والمعادلة الرياضية تعني أو تُفهم: بأنَّ تكرار/ فاعلاتن مستفعلن فاعلاتن/ ثلاث مرّات متتالية، يمكن الاستعاضة عنه بتكرار فاعلاتن ثلاث مرات ومستفعلن ثلاث مرات وفاعلاتن ثلاث مرات. 
ندرج أدناه جزءاً من بداية القصيدة: 
1) تلك أُمّي وإن أجئْها كسيحاً... فاعلاتن متفعلن
فاعلاتن
2) لاثماً أزهارها والماء فيها والترابا... فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن
3) ونافضاً بمقلتي أعشاشها والغابا... متفعلن متفعلن مستفعلن مستفعل
4)  تلك أطيارُ الغدِ الزرقاءُ والغبراء يعبرن السطوحا... فاعلاتن  فاعلاتن  فاعلاتن  فاعلاتن  فاعلاتن
5)  أو يُنشِّرنَ في بويْبَ الجناحين: كزهرٍ يفتحُ الأفوافا... فاعلاتن  متفعلن  فاعلاتن  فعلاتن  فاعلاتن  فا..لا.  
6)  هاهنا عند الضُحى كان اللقاء... فاعلاتن فاعلاتن فاعلات.  
7)  وكانتِ الشمس على شفاهها تُكسّر الأطيافا... متفعلن مستعلن متفعلن متفعلن مستفعل 
وتسفحُ الضياء... متفعلن مُتف ع.  
8) كيف أمشي، أجوبُ تلكَ الدروب الخضر فيها وأطرق الأبوابا... فاعلاتن متفعلن فاعلاتن فاعلاتن متفعلن فا.. لا تن.
9) أطلب الماء فتأتيني من الفخّار جرّه... فاعلاتن فعلاتن فاعلاتن فاعلاتن.
 .... فاعلاتن متفعلن مستفعلاتن (10) تنضح الظل للبرود الحلو.. قطره.
 بعد قطره.... فاعلاتن
(11) اتمتد بالجرّة لي يدان تنشران حول رأسي الأطيابا... مستفعلن مستعلن متفعلن متفعلن متفعلن مستفعل.  
السياب لم يلتزم بفرضيته الرياضية/ العددية كما هو واضح من إحصاء التفعيلات، وقد جاءت التسلسلات: (1) على الخفيف، و(2) على الرمل و(3) على الرجز و(4) على الرمل و(5) على الخفيف والرمل و(6) على الرمل و(7) على الرجز و(8) على الخفيف و(9) على الرمل و(10) اختلاط تفعيلات و (11) رجز.
تنتهي القصيدة بهذا التشكيل: 
(أ) ولعانقتك عند الباب، ما أقسى الوداع... فعلاتن فعلاتن فاعلاتن فاعلاتن... (رمل). 
(ب) آه لكنَّ الصبي ولّى وضاع... فاعلاتن فاعلاتن فاعلات... (رمل).
(ج) الصبي والزمان لن يرجعا بعد،
فقرّي يا ذكريات ونامي... فاعلاتن متفعلن فاعلاتن فعلاتن مستفعلن فعلاتن... (خفيف). 
إنَّ السياب كتب الاستهلال (1) والختام (ج) على البحر الخفيف، وما بينهما كان تنويعاً على بحور أخرى بالتداخل، ولا علاقة لفرضيته الرياضية/ العروضية بالذي حصل.
هكذا فهمتُ الأمر.
هل كان السياب الكبير موفّقاً في هذا التجريب الرياضي/ العروضي...؟ 
 إنَّ قراءةً لمنجز الشاعر التجديدي، لا تدلّنا على قصيدة أخرى كُتبت وفق هذه الفرضية أو ما يُشابهها. ومن هنا يتضح عدم تمسّك السياب بها، كونها محاولة تجريبية عابرة لم تحقق اضافة تجديدية نوعية.
غير أن للشاعر تجربة في كتابة قصيدة أو أكثر اعتمدت ايقاعيا على بحرين وفق الشكل الجديد، أي طريقة توزيع التفعيلات بمغايرة عددية تختلف عن محددات الشكل الخليلي.