تعهدت الهند بتقليص تدفق الماء من أنهارها الى باكستان القاحلة، وهو تهديد أعلنته سابقا لكنها تبدو أكثر تصميما على تنفيذه في أعقاب التفجير الانتحاري مؤخرا واتهمت الهند جارتها بالمسؤولية عنه.

ذكر بعض المحللين أن هذا أقوى تهديد أطلقته الهند منذ الهجوم الذي تسبب بمقتل أكثر من 40 جنديا هنديا في اقليم كشمير المتنازع عليه. تعد الحرب المائية الكاملة كارثية لمئات ملايين الأشخاص في البلدين ممن يعتمدون على مياه الأنهار. لكن هذا التهديد الأخير لم ترافقه تفاصيل بشأن موعد أو كيفية قيام الهند بتحويل مسار مزيد من الماء عن باكستان أو حجم تلك التحويلات. 

تنص معاهدة قديمة تحكم استخدام نهر هندوس وروافده على تحكم باكستان بمعظم المياه ولم تعترض الهند على ذلك. عانت نيودلهي لايجاد طريقة تعاقب بها اسلام آباد على الهجوم المذكور، الذي تبنته جماعة “جيش محمد” المرتبطة مع باكستان.

خاض البلدان منذ عشرات السنين نزاعا عنيفا على كشمير، وقال مسؤولو استخبارات غربية إن أجهزة الأمن الباكستانية تسمح لمسلحين يعارضون الهند بالعمل على أراضيها وتوفر بعض تلك الجماعات المسلحة الدعم المادي والخبرة، مثل كيفية صنع القنابل، الى مسلحين في المناطق الخاضعة للهند من كشمير.

لكن باكستان لم تعد تدير معسكرات تدريب كبيرة الحجم مثلما كان الحال في التسعينيات وبداية القرن الحالي، كما ذكر هؤلاء المسؤولون. يتبادل البلدان الانتقادات اللاذعة والتهديدات والاهانات يوميا منذ وقوع التفجير، ومع ذلك يحاولان بحذر كسب ود دول أخرى اذ تسعى الهند الى عزل باكستان ولكن هذه الأخيرة لديها أصدقاء أقوياء في الصين والسعودية.

ردع محدود

مع أن الهجوم الأخير أثار أعصاب الهنود الذين يرغب كثيرون منهم بالانتقام، لكن بلادهم لديها خيارات عسكرية جيدة قليلة. يمتلك البلدان ترسانة نووية وآلاف الجنود على الحدود، وحتى أكثر قادة الجيش الهندي تطرفا يشعرون بالحذر من تصعيد التوترات.

لذلك بحثت حكومة الهند عن وسائل أخرى للرد أو كما يقول بعض منتقديها تتظاهر بالانتقام، وهذه ليست المرة الأولى للتهديد بتقليل امدادات باكستان من الماء ففي 2016 وبعد مهاجمة مسلحين قاعدة للجيش الهندي قرب بلدة أوري، قال رئيس الوزراء نارندرا مودي :”لا يمكن للدم والماء التدفق معا” وهددت حكومته بفعل الأمر نفسه. بدلا من ذلك، شن الجيش الهندي ما وصفها بضربات جراحية ضد أهداف على الحدود في باكستان.

تبدو الهند هذه المرة أكثر جدية بشأن استخدام الماء وسيلة عقاب، لكن اتفاق نهر الهندوس برعاية البنك الدولي ينص على تقاسم البلدين حقوق ذلك النهر الكبير وروافده التي تعبر شبه القارة.

تذمر الطرفان من بنود معينة ويعتمدان كثيرا على الماء المتدفق لأغراض الزراعة وتوليد الطاقة. وكان مسؤولون هنود ذكروا حتى قبل الهجوم الأخير أن الماء المخصص لبلادهم وفق المعاهدة كان يتدفق نحو باكستان وأنها تخطط لاستخدام تلك التدفقات في مشاريع زراعية وكهربائية. 

يقول براهما شيلاني أستاذ لدى مركز أبحاث السياسة في نيو دلهي وخبير بمعاهدة المياه بين البلدين، إن الهند عانت لسنوات باستغلال مياه الأنهار الخاضعة لها.

جاء الرد الباكستاني على لسان مكتب رئيس الوزراء عمران خان بقوله إن على الهند التفكير عميقا وإدراك سبب فقدان شعب كشمير الشعور بالخوف من الموت. وهذا تلميح الى جحافل الشبان من قرى كشمير الهندية الذين انضموا الى المسلحين أو شاركوا باحتجاجات خطيرة ضد سيطرة الهند، التي تعاملت قواتها الأمنية معها بقسوة وأطلقت الذخيرة الحية وأسلحة غير نارية على المحتجين.