الاتحاد الأوروبي يستعد لمواجهة رسوم ترامب المحتملة
اقتصادية
2019/02/27
+A
-A
الصباح / نافع الفرطوسي
تحسباً لمعركة فرض رسوم جمركية قد تطال السيارات الاوروبية هذه المرة، فقد عقد وزراء التجارة الأوروبيون اجتماعا في بوخارست نهاية الأسبوع للبحث في إمكانية إجراء مفاوضات لإبرام اتفاق تجاري محدود مع واشنطن التي تلوّح بفرض رسوم على السيارات الأوروبية، وسط انقسام بين باريس وبرلين في هذا الشأن.
الرئيس الاميركي دونالد ترامب قال مؤخراً حول الأزمة التجارية الجديدة : "نحن نحاول إبرام اتفاق ، منصف بيد ان الأوروبيين متشددون في المفاوضات "، مضيفاً "في حال لم نتوصل إلى اتفاق، سنفرض رسوما جمركية على تلك السيارات"، وهو قرار يمكن أن يتخذه البيت الابيض في غضون 90 يوماً.
اجتماع وترقب
وزراء التجارة الأوروبيون اجتمعوا في رومانيا لإجراء مناقشة سياسية مبدئية حول الأزمة المحتملة، بغية توحيد المواقف في مواجهة قرارات الرئيس الأمريكي الذي ينتهج منذ وصوله إلى الحكم سياسة حمائية.
وتأمل ألمانيا التي تريد بشتى
الوسائل تفادي فرض رسوم جمركية على قطاع السيارات الحيوي لاقتصادها بصدور موقف قوي عن الوزراء المجتمعين؛ حيث ذكر وزير الاقتصاد الألماني
بيتر التماير"لا ننوي استعجال الأمور، سنرى كيف تسير الامور ونأمل التوصل لتوافق واسع النطاق" وسط انقسام مع فرنسا التي تشهد أزمة بسبب "السترات الصفراء" غير المتحمّسة لهذا الملف الحساس قبل ثلاثة أشهر فقط من الانتخابات الأوروبية.
من جهته قال وزير الدولة الفرنسي جان باتيست لوموان: " لسنا من أشعل الجدل بالتصريحات قبل بضعة أيام" مضيفاً ان "الاتحاد الأوروبي لا يفاوض تحت التهديد".
لكن لوموان أكد ان فرنسا غير مستعجلة ، وقال "يجب انتظار البرلمان الأوروبي وسماع موقفه، وبعد ذلك يجتمع القادة" في قمة أوروبية ستعقد في 21 و22 آذار المقبل. وأضاف ان "ما سيجري هو مناقشة سياسية أولى. وقد تجري مناقشات أخرى" على حد وصفه.
وعلى غرار فرنسا تبدو إسبانيا، التي فرضت الولايات المتحدة رسوما جمركية تعتبرها غير مبررة على محاصيلها من الزيتون، غير مقتنعة بالتفاوض، شأنها في ذلك شأن بلجيكا المنقسمة حيال الاتّفاق الاقتصادي والتجاري الموقع بين الاتحاد الأوروبي وكندا.
تهديد قومي
بات من الواضح ان طرح فكرة اتفاق تجاري حول السلع الصناعية وليس الزراعية بين مجموعة الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، يأتي استكمالا لما طُرح خلال
زيارة رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر إلى واشنطن في تموز من العام الماضي، في حين كان الرئيس الأمريكي يهدد بفرض رسوم جمركية على السيارات الأوروبية.
وتوصل ترامب ويونكر إلى هدنة تجارية شكّلت مفاجأة، وقد اتّفقا على مزيد من التعاون.
وتقول بروكسل : ان اتّفاقا كهذا من شأنه توفير زيادة تبلغ 53 مليار يورو في التبادل التجاري بحلول العام 2033، وهو رقم ضئيل جدا مقارنة بحجم التبادلات التجارية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
ومن شأن الاتفاق أن يلغي الرسوم العقابية الأمريكية المفروضة منذ عدة أشهر على الصادرات الأوروبية من الصُلب والألمنيوم. ولم تحرز المناقشات تقدما كبيرا منذ ذلك الوقت بسبب تركيز الأمريكيين على جبهة تجارية أخرى مع الصين، ورضا الأوروبيين على التوازن الهش مع واشنطن.
لكن تقريرا لوزارة التجارة الأمريكية، قالت مصادر أنه خَلُص إلى أن واردات السيارات الأوروبية وحتى اليابانية تمثل تهديدا للأمن القومي الأمريكي، مما وضع الاتحاد الأوروبي مجددا تحت الضغط.
تهديدات مقابلة
المفوضية الأوروبية هددت من جهتها بأنها سترّد فوراً في حال فرضت واشنطن رسوما جمركية عقابية وقالت إنها أعدت تحسباً لذلك لائحة سلع أمريكية بقيمة 20 مليار يورو.
وذكر موقع "بلومبيرغ" المتخصص بالاقتصاد نقلا عن مسؤول بارز في الاتحاد الأوروبي ان التكتل المؤلف من 28 دولة وضع قائمة برسوم جمركية انتقامية ستستهدف كبريات الشركات ومنها "كاتربيلر ، زيروكس وسامسونايت انترناشيونال" في حال فرض الرئيس الأمريكي الرسوم المزعومة على السيارات الأوروبية.
وقال ترامب إن الولايات المتحدة ستفرض رسوما جمركية على واردات السيارات من أوروبا إذا لم يكن بمقدورها التوصل لاتفاق تجاري مع الاتحاد الأوروبي.
وقالت المفوضية الأوروبية، التي تنسق السياسة التجارية للاتحاد الأوروبي، إنها تعكف على إعداد قائمة بمنتجات أمريكية لاستهدافها برسوم جمركية إذا قرر ترامب أنه يجب تقييد واردات السيارات من الاتحاد الأوروبي.
وذكر دبلوماسيون أوروبيون ان المفوضية أبلغت وزراء الدول الأعضاء في اجتماع بشأن التجارة في بوخارست أن قائمتها جاهزة، لكنها لم تكشف عن محتوياتها.
وتبلغ قيمة صادرات السيارات ومكوناتها من الاتحاد الأوروبي إلى الولايات المتحدة نحو 50 مليار يورو سنويا، ويأتي معظمها من ألمانيا.
ملامح اتفاق
وقبل انتهاء المهلة التي حددها ترامب للصين وهي الاول من آذار،استقبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الجمعة في البيت الأبيض المفاوض الصيني الرئيس ليو هي بعد أسبوع جديد من المفاوضات الهادفة إلى وضع حدّ للنزاع مع الصين الذي أطلقه ترامب لإجبارها على إصلاح ممارساتها التجارية.
والتقى المفاوضون الأمريكيون والصينيون بدءا من يوم الاثنين للاسبوع الماضي في العاصمة الأمريكية لجولة رابعة من المفاوضات، التي انطلقت بدايةً على مستوى كبار الموظفين، قبل لقاء أخير بين المفاوضين الرئيسين، روبرت لايتهايزر من الجانب الأمريكي وليو هي من الجانب الصيني، بهدف إيجاد أرضية مشتركة.
وكان ترامب قد أثار احتمال تمديد المهلة ومنح المفاوضين وقتاً إضافياً، إذا
ظهرلت معالم اتفاق فعلي في الأفق بين العملاقين.
وبالإضافة إلى عجز بقيمة 330 مليار دولار في الميزان التجاري بين البلدين، يتهم ترامب الصين بأنها تقوم بممارسات تجارية "غير منصفة" ويطالبها بإصلاحات هيكلية لوضع حدّ لتلك الممارسات.
وتطالب واشنطن خصوصاً بوقف فرض التبادل التكنولوجي، واحترام حقوق الملكية الفكرية، ووضع حد لقرصنة المعلومات ورفع العقبات غير الجمركية مثل الدعم المقدم للشركات.
وحسب الخبراء، فإن الصين قد تكون قادرة على رفع مستوى وارداتها من السلع الأمريكية، لكنها لن تكون قادرة على الالتزام بالإصلاحات الأخرى التي يطالبها بها الأمريكيون الذين يطالبون أيضاً بآلية إشراف فعلية على تطبيق الاتفاق المنتظر.
وحسب أرقام نشرتها وزارة الزراعة الصينية، فقد اشترى العملاق الاسيوي 4.05 ملايين طن من الصويا الأمريكي خلال أول 45 يوماً من العام الجاري.وهذا الرقم أدنى من 5 ملايين طن جرى التعهد بشرائها، كما قال ترامب أمام الصحافة خلال لقائه السابق مع ليو هي في 31 كانون الثاني الماضي.
وعلى سياق منفصل حذَّر البنك المركزي الأمريكي من أن زيادة التوترات التجارية، بالإضافة إلى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بدون اتفاق، كلها عوامل سلبية بالنسبة للاقتصاد الأمريكي.