ثامر الهيمص
تقرير الرقابة المالية لسنة 2020، ورغم مؤشراته وارقامه السلبية يدل على أن هناك إنجازا يحسب للورقة البيضاء وههيئة الرقابة المالية العرقية، التي كانت ضابطا للادارة والاقتصاد منذ تأسسيس الدولة، فقد تواصل عملها مو وجود اشد العقبات، وباتت مرجعا اساسيا ومعيارا لحسن أو سوء الاداء الرسمي، فالتقرير رغم انه متشائم، كما تؤشر الخروق الصادمة، الا أننا بدأنا نسمع اجراسا تحذيرية كانت صامتة حتى عهد قريب.
وضع هذا التقرير الادارة العامة امام مسؤولياتها، بحيث جعل من وسائل الردع التقليدية والعقوبات وردود الفعل غير المؤهلة، لاعادة الاداء الرقابي لسابق عهده، كمعيار تقاس به النتائج، لأنه وببساطة بلغت الخروق خارج السياق الاعتيادي أو لعله سيكون الاساس في الحد من تراجع السياق ذاته. فالخروق الصادمة المؤشرة في تقرير الرقابة تمتد من وزارة الخارجية الى دواوين الاوقاف، مرورا بعقود التسليح واطعام الموقوفين والضرائب وحماية امنشاات والشخصيات وصولا للخطوط الجوية العراقية.
لذلك فالاجراءات الرادعة ليس من اختصاص ديوان الرقابة المالية، كما انه ليس من اختصاص هيئة النزاهة الحكومية، بل انهما يقومان بتغيير نوعي او جذري في المنظومة التنفيذية بعد كشف حالات التلاعب بالمال العام والفساد .
ولكن لنحتكم أولا الى الرقابة المالية، كونها تعمل بلغة واحدة فصيحة وهي الارقام، التي لا تداهن ولا ترطن، كما وان الاعتراف بالمرض أولى خطوات العلاج، لذا جاء تشخيص الرقابة المالية باتا كما هي النتائج المختبرية، اما غرفة العمليات فهي غير جاهزة بعد او لربما ان العقار غير متوفر، ان جاز التشبيه، لسبب بسيط هو ان متحورات الداء يصعب مواكبتها، لكن التلقيح الذي تقدمه الورقة البيضاء ومتعلقاتها وملحقاتها بات قاعدة يمكن اعتمادها لاطلاق أو تمهيد الطريق لتغير جذري سلمي.
الجميع يعترف بالفساد وأغلبهم لا تصدمهم الارقام بحكم العادة، ما عتم على نقطة الارتكاز، فهم لهم برامجهم، ولكن لم يدع احدا باحاطته بالامر بحيث يعزز نقطة الارتكاز بحسن نية او من زاوية ذات ابعاد حقيقية، فالامرقد بلغ منتهاه، بحيث سيكون التقرير المقبل، اذا لم تتحسن الامور كما رسمها تقرير 2020 فاننا سنخسر اكثر.
إن ما يساعد كثيرا على الخروج من الاشكالية ان الحلول جاهزة وبوادرها بدأت بتغيير المفاهيم من خلال فتحة الشفافية الرسمية الضيقة، ومن بركات الاعلام، ما يعني ان الغلو والتفاقم وضعت له حدود بعد كشف بعض مواطن الفساد من خلال الضرب تحت الحزام، كما تعلنه يوميا اللجان والنزاهة الحكومية، بحيث اصبح التراجع صعبا في الاداء القانوني والاداري، اذ عالجت بعض التجارب اوضاع الشذوذ والاستثناءات، التي غالبا ما فرضتها ظروف خارجية باجراءات استثنائية، يستحيل علاجها بالمسكنات الا بالقفزة العامة في انفاذ القانون والادارة، لان العقوبة الاعتيادية لا تواكب الجائحة، اذن. فلتقرع اجراس هيئتنا للرقابة المالية لنرى الامور اوضح لعلاج انضج، بتعميم تقريرها من خلال مؤتمرات شفافة والاعلان رسميا عن المدخلات والمخرجات، كما يعلن عن اي جريمة على الصعيدين الرسمي وغير الرسمي.