صالح الشيخ خلف
لم یصدر من الحکومة الایرانیة اي روایة تقنع الرأي العام المحلي والاجنبي بشان الاسباب التی دفعت وزیر الخارجیة محمد جواد ظریف الی تقدیم استقالته فی هذا الظرف تحدیدا .
المطلعون یقولون ان هذه لیست المرة الاولی التي یقدم فیها ظریف استقالته للرئیس الایراني لکنها الاولى التي یعلن عنها بشکل واضح وبهذه الطریقة .
ظریف ودون سابق انذار کتب علی صفحته في الانستغرام بانه ینهي عمله ویعتذر لانه لم یستطع تقدیم الافضل لشعبه وبلده وکأنه یرید مخاطبة شخص او اشخاص، وسط او اوساط معینة بأنه یرحل اذا کان ذلك یریحهم .
وعلی الرغم من ان مصادر وزارة الخارجیة الایرانیة نفت جميع التفسیرات والتحلیلات التي بحثت دلائل الاستقالة واسبابها خلال الايام الثلاثة الماضية، الا ان الاکید انها لا تبتعد کثیرا عن الاتفاق النووي الذي کان ظریف عرابه في توصل ايران مع المجموعة الدولیة لهذا الاتفاق عام 2015، کما انها غیر بعیدة عن المفاوضات التي یجریها حالیا مع الاتحاد الاوروبي لتعزیز صمود الاتفاق النووي والقضایا المرتبطة بموافقة ایران الانضمام لمجموعة العمل المالیة الدولية الخاصة بغسیل الاموال ومکافحة تمویل الحرکات الارهابیة، فی حین – وهي النقطة الاهم - غیر بعیدة عن الحراك السیاسي الدائر في الداخل الایراني بین الاصولیین المتشددين من جهة، والمعتدلین من انصار الحکومة من جهة اخرى .
السؤال الذي شغل الاوساط السياسية الاقليمية والدولية، هل توقیت الاستقالة له علاقة بزیارة الرئیس السوري بشار الاسد السریة لطهران؟ ام لها علاقة بترتیبات الزیارة؟ وما هو دور قائد فیلق القدس قاسم سلیماني في ذلك ؟
سلیماني الذي کان ضمن الجهات المعنیة بتغریدة ظریف سارع للاعلان عن دعم النظام السیاسي بما فیهم مرشد الجمهوریة الاسلامیة علي خامنئي وکبار المسؤولین لظریف، الا ان المصادر نقلت ان سلیماني عمل بشکل شخصي علی ترتیب زیارة الاسد والاهتمام بتفاصیلها واجراءاتها الامنیة، وانه کان مع الرئيس الاسد علی متن الطائرة الايرانية التي اقلته من دمشق الى طهران. المصادر اضافت ، ان التکتم كان السمة الابرز لهذه الزیارة لمنع اي تسرب قد یعرض حیاة الضیف للخطر وهو السبب عینه الذي جعل الزیارة قصیرة جدا . ونقلت ایضا، ان لقاء الاسد بالمرشد الاعلی والرئیس الایراني لم یتخط معا الساعتین وان الرئیس روحاني علم بالزیارة قبل دقائق فقط من وصول الاسد الی مكان اللقاء الذي جری بحضور سلیماني وشارك فيه محمود واعظي مدیر مکتب الرئیس دون غیره من اعضاء المکتب للابقاء علی حالة سریة الزیارة حتی علی وزیر الخارجیة محمد جواد ظریف الذي شعر بانه لیس من اهل الدار، وغیر مرحب به، وغیر موثوق به حتی عند رئیس الحکومه حسن روحاني .
ظریف، الرجل المحنك سیاسیا ومهنیا لم یطق الضغوط المتکررة التي یواجهها منذ التوصل للاتفاق النووي عام 2015 من قبل الاصولیین الذين سمع منهم خلال السنوات الثلاث المزید من الهمز واللمز والتهم المبطنة حول المهمة التي یقوم بها بشأن قضایا ایران الساخنة مع المجتمع الدولي .
لا يسود الاعتقاد ان ظریف یملك حساسیة لالیة ادارة الحرس الثوري للملف السوري او بقیة الملفات الساخنة الخارجیة التي لها علاقة مع ایران، لکنه بالتاكيد لا یرید ان یکون انسانا ثقیلا علی القیادة الایرانیة، کما انه لا یرید ان یکون اخر من یعلم «وربما لا یعلم اصلا» في المشهد السیاسي الایراني، خصوصا وانه اخذ علی عاتقه ادارة وتنظیم علاقات ایران الدبلوماسیة مع العالم الخارجي .
الان ظريف عاد بعد ان سمع كلاما مطمئنا من قائد فيلق القدس قاسم سليماني وقد برر له ما حصل ملقيا باللائمة على ترتيبات الرئاسة الايرانية، اضافة الى الرسالة التي ارسلها الرئيس روحاني الذي اعتبره قائدا وحيدا للدبلوماسية الايرانية وكأنه اراد تأكيد دوره في وزارة الخارجية الايرانية، الا ان الواضح ان ظريف ما قبل 25 فبراير سوف لن يكون كما بعده سواء عند المتشددين او القريبين عنه في الحكومة .