د.عــدي سمير الحساني
وفقاً للتكوين الاجتماعي فإنَّ التعدد في الدرجات والطبقات الاجتماعية شيءٌ لا بُدَّ منه وفقاً للمتطلبات الإنسانيَّة.
وكذا الحال يسري على إطلاقه بالنسبة لباقي الجوانب الحياتيَّة، ومنها الوظيفيَّة، حيث تعتمد الإدارة في عملية التعيين على الحاجة الفعلية للمستويات العلميَّة لسد الحاجه الفعلية لذلك، إذ إنَّ تعدد المستويات في الوظيفة العامة طبقاً لمستوى الشهادة التي يتم على أساسها التعيين والتي تكون حسب المتطلبات الإداريَّة في الوظيفة والتي يدخل من ضمنها التخصص وبما يخدم الصالح العام.
ونتيجة التطور العلمي والإداري فقد تظهر الحاجة الى مستويات علميَّة أعلى لشغل المناصب الوظيفيَّة، وبذلك فإنَّ الإدارة تجد من المفيد أنْ توافق على إكمال الموظف للدراسات العليا وبما يخدم الذات الوظيفية.
لذلك نجد ومن خلال ما يشهده البلد من ثورة علميَّة كبيرة، والتي تمظهرت عبر انتقالة سريعة بالمستويات العلميَّة للموظفين، وما يمكن أنْ تؤديه لرفع مستوى الأداء الوظيفي، كنتيجة حتميَّة ومتوخاة من وجهة نظر إداريَّة، والتي تسعى لها المؤسسات لدعم موظفيها في إكمال دراستهم وتتحمل أعباءً مالية وإداريَّة من ذلك، وبما يُزيد مساحة المنفعة العامَّة للعمل الوظيفي.
ولكن قد لا يجد حملة الشهادات المساحة اللازمة للعمل ضمن اختصاصهم أو قد لا يعملون بمستوى تحصيلهم العلمي، أو قد يُركنون جانباً، او لأي أمرٍ آخر، والذي بدوره يؤدي الى إحباط وظيفي يجعل من ذلك الموظف أداة غير فاعلة أو كالجسم الغريب في محيط عمله، ويؤدي عمله بمستوى أداء أدنى من مستواه تماشياً مع رغبة المدير والذي يعمل وفق الكلاسيكيَّة القديمة (الهرِمة) مجانباً للتطور العلملي والأكاديمي. وهنا أصبح أصحاب هذه الشهادات عالة على المجتمع الوظيفي وكأنهم محركٌ لعجلة موديل 2021 في هيكل عجلة موديل 1950 والذي لا يتناسب مع قوة ذلك المحرك وبالتالي سيؤدي الى تطاير أجزاء الهيكل الهرم إذا ما دار المحرك بسرعة عالية.
والسؤال هنا لماذا تتحمل الدولة أعباءً مالية إضافيَّة جراء إكمال الموظف لدراسته إذا كانت الشهادة التي سيحصل عليها ثانويَّة وغير ذات قيمة؟.
إنَّ التهميش الواضح لأصحاب الشهادات ما هو إلا دليلٌ واضحٌ على أنَّ هناك أيادي خفيَّة داعمة للفساد تعملُ على تعطيل عجلة التقدم والتطور للحفاظ على المكاسب اللامشروعة من المال العام.
لذلك فهي دعوة لرعاة الإصلاح إنْ يؤخذ الموضوع بعين الاعتبار، وذلك بإسناد الوظائف بجميع مستوياتها من خلال لجان (سريَّة) أكاديميَّة ذات خبرات مهنيَّة وأكاديميَّة لاختيار الأصلح والأفضل بعيداً عن المحاباة والمحسوبيَّة.. فالعراق يحتاج الى كل جهد وفكر يخدمه لننطلق بهذا البلد الى أعلى المستويات الإداريَّة والعلميَّة والفنيَّة وبما يتناسب مع التطور العلمي في الجوار خدمة للعراق وشعبه.