بيروت: جبار عودة الخطاط
جورج قرداحي وزيراً للإعلام في حكومة لبنان الجديدة.. خبر الساعة الذي انتشر بشكلٍ مذهلٍ في وسائل الإعلام العربية ومواقع التواصل الاجتماعي، فقرداحي النجم الإعلامي المعروف الذي تجاوز عقده السبعين وما زال محتفظاً بوسامته وفصاحته كان دائماً محط اهتمام المشاهد العربي لما يتمتع به من حضور وگارزما فريدة.
الكثيرون تساءلوا ما الذي يمكن أنْ تضيفه السياسة أو المنصب الحكومي لنجم كبير تجاوز في نجوميته الأخاذة مشاهير الساسة وغيرها من مجالات الشأن العام؟ فالرجل منذ أنْ أطلق خطوته الأولى في مسيرته الإعلاميَّة الحافلة بالنجاح مطلع سبعينيات القرن الماضي عبر تلفزيون لبنان، وبعد أنْ انتقل ليحط رحاله في أشهر محطات التلفزة العربيَّة والدوليَّة، وهو يحظى بمنزلة كبيرة في الأوساط الإعلاميَّة بحيث كانت الفضائيات تتهافت لضمه الى خريطة برامجها التلفازية وقد تنقل قرداحي بشكل مريح على عدة محطات مشهورة فارضاً شروطه ليسجل بصمته الفارقة من خلال برامجه ذائعة الصيت (من يربح المليون) و(المسامح كريم) وغيرها وهو بالتأكيد كان يحصل على عائدٍ مالي وفيرٍ لا يمكن أنْ يحصل عليه أي سياسي عربي عبر راتبه الشهري ما لم يسلك طرقاً أخرى لكسب السحت من مواضعه المعروفة كالرشا والمحسوبيَّة.. وهذه ليست المرة الأولى التي يلج فيها اسم قرداحي في المعترك السياسي ليكون أحد صناع القرار في بلدٍ لا يمكن فيه أنْ تفصل السياسة عن خندقها الطائفي وربما ينفرد لبنان عن غيره من البلدان بتقنين الطائفيَّة كقيدٍ ديموغرافي في قانون الانتخابات وفي (الممارسة الديمقراطيَّة).
فقد عمد الوزير مصطفى أديب عام 2020 وهو المكلف الأول بتشكيل حكومة لبنان بعد استقالة رئيس الحكومة السابق الدكتور حسان دياب مطلع آب من العام الماضي، الى تداول اسم قرداحي ليكون وزيراً للإعلام في حكومته التي لم ترَ النور.
(الصباح) زارت مسقط رأس قرداحي في ضيعة فيطرون في منطقة كسروان التابعة لمحافظة جبل لبنان حيث يقطن أقارب وأصدقاء قرداحي وحاولت استطلاع آراء الناس هناك عن استيزار جورج قرداحي وكيف ينظرون للأمر؟.. يقول أبو فادي وهو رجل ستيني تربطه كما أخبرنا علاقة شخصيَّة بقرداحي: «كنت أتمنى على جورج البقاء بعيداً عن هذا المنزلق.. فالسياسة في لبنان غير نظيفة وفيها أساليبها التي لا تعرف الأخلاق». يضيف أبو فادي «جورج هو نجم النجوم في التلفزيونات العربيَّة (شو بدو بهالميلي العاطلي) هو رجل نزيه ومحبوب و(مش محرزي) دخوله في هذا العالم». أما نوال الياس وهي مدرسة في كسروان فلها رأي مغاير إذ تقول: «دخول الاستاد جورج قرداحي في الحكومة ربما يكون مدخلاً لكي تتبوأ الشخصيات الفاعلة مكانها وتزيح الوجوه الكلاسيكيَّة أو ما يطلق عليه بالحرس القديم من الساحة الرسميَّة.. أقول نتفاءل وأعتقد (رح نئشع منيح خطوات جورج وكيف رح يطور الإعلام اللبناني) لننتظر ونرى».
أما الوزير جورج قرداحي فأكد في أول تصريح له بعد بعد تكليفه بوزارة الإعلام بأنه «لن أتحدث شيء حالياً، لأنه من اللياقة أنْ يجتمع الشخص أولاً مع رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، ومن بعدها يتحدث أمام الإعلام».
وتمنى قرداحي في أول تصريح له عند وصوله إلى مطار رفيق الحريري في بيروت صباح الأحد قادماً من دبي، بأنْ نركز في هذه الأوقات على عملية الإصلاح والنأي عن التعليقات غير المسؤولة بقوله رداً على سؤال حول الهاشتاك الذي انتشر بشكل هائل في مواقع التواصل الاجتماعي تحت عنوان «من يسرق المليون»، متوجهاً إلى الإعلام بتأكيده أنَّ «مناخ الإحباط، يجب أنْ نوقفه، ويجب أنْ نعطي أملاً للناس، خصوصاً مع وجود تعليقات مخزية».
الى ذلك أشارت الصحفية اللبنانيَّة زكية الديراوي الى أنَّ «السياسة لم تكن بعيدة يوماً عن طموح قرداحي. ففي العام 2013 أعلن ترشّحه للانتخابات النيابيَّة عن منطقة كسروان، قبل أنْ ينسحب منها بسبب القانون الانتخابي. يومها، فجّر قرداحي غضبه على السياسة، وقال إنّه «ليس موافقاً على التحالفات السياسيَّة القائمة، لأنها ضحكٌ على الشعب. ضحكٌ على عقول الناس. أنا غاضب وعاتب وخائب الظنّ بالموضوعات السياسيَّة والانتخابات النيابيَّة. لكنْ في النهاية لست بحاجة للنيابة».
هذه العبارات مرّ عليها قرابة ثمانية أعوام، قبل أنْ يحقق قرداحي طموحه السياسي وهذه المرة ليس في مقعد نيابي، بل كرسي وزارة وهي «وزارة الإعلام» حيث ملعبه الأساسي. لم تكن رحلة قرداحي مع الإعلام سهلة، بل طويلة وشاقة».
بينما وجهت الفنانة اللبنانيَّة مادلين طبر، رسالة إلى جورج قرداحي عبر مواقع التواصل الاجتماعي قالت فيها «مبروك للبنان تعيين الحكومة الجديدة، فهو أمل جديد لنا، وبالنسبة لفرحتي الأكبر كانت لإعلامي، بوصفي أنا إعلاميَّة، قبل أنْ أكون ممثلة، جورج قرداحي ألف مبروك، أقول هي خطوة مشجعة جداً، ولكن هل يعطونك فرصة حتى تنجز وتتحرك وتغير الوضع، الموقف صعب جداً بدون صلاحيات، الإعلام خطير، مبروك جورج». في حين علق الإعلامي العراقي فلاح المشعل على تكليف جورج قرداحي بحقيبة وزارة الإعلام ربطاً بالعلاقة الملتبسة بين الإعلامي والسياسي بقوله: «لا يدرك الإعلامي سلطته وقوته في العلاقة مع الآخر السياسي والشعبي إلا حين يفقدها، جورج قرداحي كان محط إعجاب وتقدير ومتابعة أكثر من مئة مليون عربي وتأثيره أقوى من نصف الرؤساء العرب، الآن أصبح وزيراً في حكومة ضعيفة وبلا آفاق ومساحته مكتب الوزير وتوقيع بعض الأوراق ومجموعة (بودي گارد) يتحلقون حوله، هكذا تعمل الحكومات في تغريب المبدع.