اقدم احد الموسيقيين على تجربة مثيرة، وهي أنه راح يعزف على آلة الكمان في محطة مترو واشنطن، وظل واقفا على قدميه يعزف لمدة 45 دقيقة، وعزف مقطوعات لمشاهير الموسيقيين بالعالم، وكانت كاميرات المراقبة تتابع وترصد حركته.

مر من امامه أكثر من الف شخص، ولم يلتفت الى عزفه، الا سبعة اشخاص وقفوا يستمعون اليه لبرهة من الزمن ثم انصرفوا.

جمع خلال 45 دقيقة التي عزف بها مبلغ «32» دولارا.

المفاجأة الكبيرة ان هذا العازف، هو الموسيقي «Joshuo bell» جوشوا ديفيد بيل، الذي يعد أهم واخطر موسيقي بالولايات المتحدة الاميركية والعالم، وان ثمن الكمان الذي عزف عليه يقدر بـاربعة ملايين دولار وصناعة الآلة الموسيقية تعود الى 300 سنة. 

المفارقة المدهشة أن الموسيقي جوشوا بيل، قبل ايام كانت لديه حفلة في بوسطن وبيعت تذاكر الحفل بالكامل قبل بدء الحفلة، وكان سعر التذكرة 100 دولار، بينما هو قدم حفلة بالمجان ولم يستمع اليها احد!.

الموسيقي جوشوا بيل، الذي وصفه النقاد بالنابغة أو العبقري، هو أصغر عازف كمان ينضم الى اوركسترا فيلاديليفيا، ثم أخذت تسطع شهرته وموسيقاه وراح يعزف مع ارقى الاوركسترات بالعالم باميركا واوروبا واليابان واستراليا، وحاز على جوائز عالمية مهمة منها جائزة «غرامي».

ومع كل هذه الشهرة والمكانة العالمية، الا انه لا يحبذ الظهور الاعلامي أو اللقاءات الصحفية، وينظر الى نفسه كونه شخصا عاديا، يريد أن يتذوق كل متع الحياة القصيرة، من دون أن تعيقه الشهرة في الالتذاذ بهذه المباهج.

اراد بيل بهذه التجربة أن يعطي درسا للموهوبين والناس، هي أنك لا تضع نفسك بالمكان الغلط، وعليك أن تقف بالمكان الصحيح وتقدم ابداعك.

ومن الممكن أن نقرأ هذه التجربة من زاوية اخرى، ان هناك الكثير من المبدعين والمواهب بين ظهرانينا، لكننا لا نلتفت لهم ونشجعهم، كي يقفوا على أقدامهم وينشروا موهبتهم، وما أكثر هذه المواهب التي لم تجد طريقها الى النجاح والشهرة وخصوصا في مجتمعنا الذي يخلو من التقاليد الفنية الراسخة والمؤسسات التي تعمل على صناعة النجم، وظلت الكثير من المواهب مندثرة أو تمارس نشاطها على نطاق محدود.

بالمناسبة لم يتعرف على جوشوا بيل أثناء وقوفه بمحطة المترو، الا شخص واحد فقط.