الممثلُ العراقيُّ طاقةٌ مسرحيَّةٌ مبهرة

الصفحة الاخيرة 2019/03/01
...

بغداد / محمد إسماعيل
همس الفنانان إيناس طالب وكاظم القريشي، على خشبة المسرح الوطني، وكنت جالساً في آخر صف من المقاعد؛ فشعرت بشفاههما تكاد ان تلامس أذني اليسرى، برغم سعة الفضاء وبعد المسافة، والاقمشة الماصة للصوت على طول الجدران والارضية.
قدرات الممثل العراقي، تفوق الوصف.. جسداً وحنجرة وتعبيراً وإنسجاماً يتفاعل مع الشخصية المؤداة على المسرح، فهل هو كذلك في الاستوديو.. أمام الكاميرا؟
الفنان كاظم القريشي، قال: “لا تسمها طاقة مسرحية، إنما هي طاقة فنية، يعيد الممثل تصنيعها، وفق متطلبات الميدان الذي يؤدي فيه، سواء أكان مسرحاً ام تلفزيوناً ام سينما او اذاعة” مؤكداً: “لو توفرت سبل انتاج راق، لفرضت تلك الطاقة حضورها باسطة سطوتها، بشكل لا يقل اهمية.. بل ويزيد على نجوم الصف الاول.. عربياً وعالمياً”.
وأضاف القريشي: “أقول ذلك ليس من باب الادعاء النظري، إنما استناداً الى تجارب عملية، عشناها مع نجوم الفن العرب، الذين وقفوا مذهولين من حسن أدائنا، والعاملون في الاستوديو لم يقفوا في نهاية مشهد لنجوم كبار، لكن بعد مشاهدتنا يتيهون إعجاباً، مصفقين بقوة”.
ترى الفنانة ايناس طالب، ان هذا الاداء، جزء من مران أكاديمي: “تلقيناه في الكلية ومارسناه مثل الواجب اليومي، في البيت وخلال التمارين المسرحية الاحترافية، التي دخلتها وانا طالبة في معهد وكلية الفنون” مواصلة: “وجدنا أساتذتنا الذين سبقونا في العمل المسرحي والتلفزيوني،  قد أسسوا ثقافة اعتماد الممثل على موهبته.. صوتاً وجسداً، خلاف الساحات الفنية الاخرى، في دول العالم، التي أدخلت التقنيات التي تغني الممثل عن تمرين صوته”.
تابع مدير الفرقة الوطنية للتمثيل الفنان نضير جواد: “لي مشاهد “ميوت – صامتة” في مسلسل “محمد الجواد” الايراني، لم يشأ المخرج تصويرها؛ فتساءلت عن ذلك؟ ليجيبني: انتم الممثلون العراقيون لا تعرفون قيمة انفسكم، لقد التقطت لك سكتات فاقت ممثلين عالميين، لو دربتهم عليها أشهراً ما بلغوا قوة أدائك”.
واشار الفنان أسعد مشاي، الى ان: “المسرح ابو الفنون، وهو الاصعب؛ فمن يستوفيه لا تعد لديه مشكلة في اي مجال فني آخر.. لا تلفزيون ولا سينما ولا اذاعة” متسائلاً: “لكن اين هو التلفزيون.. كنا نأمل خيراً بانتاج آت، ولم يحدث... وما زلنا ننتظر، فرصة عادلة تليق بالفنان العراقي.. تحترم قدراته، وتبرز مستواه وتستقصي إبداعه، بعد 5 سنوات من الانقطاع”.
وبين الفنان علي عباس: “الافادة من قدرات الممثل، مهمة المخرج الذي يجب ان يعرف ميزة كل واحد، ويوظفها في الموضع الذي تتجلى فيه، وتخدم العمل” منوهاً الى ان: “المخرج يصقل الممثل، ويأخذ بيده لاستيفاء متطلبات الدور، ويبحث عن انفعالاته؛ لأن الكاميرا تلتقط ابسط إشارة، اما المسرح فبحاجة للمبالغة؛ كي تصل الانفعالات الى المتلقي” مشدداً على ان: “تهدئة الانفعال امام الكاميرا؛ ليصل قياسياً، مهمة المخرج؛ لأن الكاميرا تعمق أثره لدى المشاهد”.
من جانبه، قال مخرج.. طلب عدم ذكر اسمه: “الممثل العراقي، إمتداد لانفعالات المجتمع التي تبلغ بتضخيم الأمور من دون تروٍ ولا تأمل.. وأحياناً يدخلون مشاكل ضخمة، قبل ان يعرفوا ما هي القضية...” مسترسلاً بذم المنظومة الاجتماعية العراقية، التي أنجبت ممثلين عاجزين عن تهدئة انفعالاتهم، وقاصرين عن التمييز بين شروط المسرح ومتطلبات الكاميرا: “الفنان ابن بيئته؛ لذلك فالممثل العراقي، لن ينجح تلفزيونياً، وليرضَ بالصراخ على خشبات المسارح”.