يعتمد البناء الفطري على ما اكتنزته ذائقته بفعل المشاهدة التي تعتمد انتباهة جماليَّة لما يستفزه من معمار وتجليات البنى التي تأخذ لبه فيأسرها في حفيظته. ومن هذه الفعاليات ما أنجزه البناء الكربلائي فتراه يخط تشكيلات يعيد تمثلها من المشاهدات آنفة الذكر، والكاشي الكربلائي التي تميزت به مدينة كربلاء من خلال الرسوم بالكاشي على الجدران التي زادته رونقاً وبهاء.
ورغم أنَّ ذلك الفن اشتهرت به مدنٌ أخرى في العالم لكنَّ المدينة أنجزت خصوصيَّة في الرسم على الجدران أملتها عليها البيئة واجتهاد البناء الفطري الذي يريد له يميزاً يجعله معروفاً في الساحة المعماريَّة.
يصنعُ الكاشي الكربلائي من الطين الحري ويخلطُ بنسبٍ معينة بالرمل ويعجن يدوياً ويطلى بمادة الزجاج المطحون ويلون بالألوان التي تصنع أو تجلب من الخارج، توضع الطينة في قالب وتغط داخله وبعدها تشرط بسلك نحاسي من وجهيها وتقلب على سطحٍ مستوٍ لتجف.
بعدها تصبح جاهزة للفرن بدرجة حرارة معينة وتخرج كالفخار, ثم تطلى القطعة بمادة زجاجيَّة بيضاء بعدها تدخل الفرن مرَّة أخرى لتخرج صالحة لعمل الرسوم والنقوش.
عن كيفيَّة بنائه يقول رياض عباس أحد الأسطوات في هذا المجال: "ترصف هذه القطع كمربعات مع بعضها وعلى قياسات معلومة وتوضع تحتها قطعٌ صغيرة من الطين الحري لكي تستقر, ووجهها الى الأعلى ثم يطبع ويرسم الإطار وبعدها تأتي الكتابات والنقوش".
وعن تلك الرسوم قال: "هناك نوعان من الرسوم؛ الأول النوع (السليمي) وتكون النقوش معه متعاضدة ومتشابهة والثاني يسمى (بناتي وحيواني) حين يقتصر على الورود والعصافير والحيتان.. أما بالنسبة للخطوط فتطعم برسومٍ نباتيَّة على الكتابة وورود حمراء لتعطيها رونقاً خاصاً، يجري التخطيط بقلمٍ خاصٍ يستعان لتوضيح الكتابة حتى لا تختلط الألوان مع بعضها بل هو بينها وخاصة بعد دخول الفرن الحراري، حيث تلون الورود والأوراق بعد (الحشو) باللون النيلي كما في الآيات والكتابات".
وعن أهم المعامل قال الأسطة عباس: "هناك معامل في مدينة كربلاء وسميت باسمها لاستخدامها المواد الأوليَّة من التربة, وهناك نوعٌ من تربتها الصحراويَّة والغربيَّة، فهي صالحة لعمل الكاشي كونها خالية من الحصو أو النورة التي في الغالب تسهمُ في تشقق الكاشي، ويوجد طينٌ ايضاً من نوع خاص يساعد في صناعة (الكاشي المعرق) بعد إجراء عدة عمليات تصفية عليه وكما في بلاد الشرق كالهند وإيران وباكستان.. وفي كربلاء توجد عدة معامل منها: معمل حكمت ومعمل النصراوي ومعمل بابل ومعمل بحر، وفي ما بعد أصبحت شركات كشركة الغري للكاشي الكربلائي والنجفي وشركة كمال الدين، فضلاً عن أفران صغيرة في البيوت لإنتاج الكاشي والكتابة على الفرفوري، لكي تعطي لمعاناً وجمالاً في الوقت ذاته، أما الخطوط التي تستخدم في هذه القطع فهي تستخدم جميع الخطوط العربيَّة منها الرقعة والنسخ والديواني والكوفي ونادراً وحسب الطلب يستخدم الخط المعلق".
تجدر الإشارة الى أنَّ هناك عدة أسماء وأنواع وأشكال وقطع منها: الجوك والخشافات, والند الذي تغلف به القباب كونه صغيراً ويدور في سطح القبة (الطربوش).