المقاهي العراقية

ثقافة شعبية 2019/03/01
...

نافع الفرطوسي
من اللطائف أن الأديب العربي (جمال الغيطاني) كتب تحقيقاً عن المقاهي العراقية التي عدّها أنموذجاً فريدا في محاكاة التراث والتعلق بالماضي، فضلا عن نشوء طبقة فاعلة من ابرز الشعراء الذين يكتبون باللهجة الشعبية والفصحى..  وبالرغم من انه ركّز على المقاهي البغدادية تحديداً (تاريخا وتصنيفا وتحقيقاً)، لكن بطبيعة الحال فالمقاهي القديمة تمثل تاريخ المدينة في اطوار وادوار مختلفة.
زار الغيطاني بغداد صيف العام 1983 وكتب تحقيقه المذكور قائلا: إن اول مقهى أنشئت في بغداد 1590م اي عام 999 هـ وكانت تُدعى (جغالة زاده)، ثمّ اصبحت فيما بعد تُدعى (خان جغان) وتُسمى الآن (خان الكمرك).. ومن تسمية هذه المقهى انتشر المثل البغدادي المعروف (قابل الجنة خان جغان).. إذ كان يدخل الى هذه المقهى مختلف الاصناف من الناس ومن ولايات العراق وألويته وبمختلف مستوياتهم ومهنهم. 
وكان لايربط الناس سوى الراحة والاستمتاع بشرب ماء الحب بالطاسة الفافون او النحاس واحيانا تناول الشاي او الشربت والزنجبيل.. ثم أنشئت مقهى أخرى العام 1601م وهو مقهى حسن باشا في منطقة الوزيرية ثم انتشرت المقاهي في بغداد حتى احصى احد الرحالة ان هناك اكثر من تسعمئة مقهى، ويذكر الكاتب انه من المقاهي الشهيرة آنذاك- مقهى الشط وتقع على ضفاف دجلة في منطقة المصبغة ومقهى القلعة وقهوة السيد بكر قرب وزارة الدفاع قديما إلّا أنّها أزيلت بعد بناء مصلحة ماء بغداد العام 1954.. 
وكانت هناك مقاهٍ في منطقة الحيدر خانة مخصصة للصم والبكم واخرى لهواة مصارعة الديكة ونطاح الاكباش يتوافد اليها اعداد كبيرة من الناس للاشتراك او المشاهدة والاستمتاع واحيانا المراهنة  .. ثم انشئت مقهى ترتادها الشخصيات السياسية والادبية وهي مقهى البيروتي الا انها هدمت العام 1965 م اقيمت بعدها مقهى البلابل في محلة الباروديّة ويرتادها هواة البلابل والطيور المغردة .. اما مقهى (المميز) الذي يقع بالقرب من جسر الشهداء فكان مقراً للموسيقيين والمطربين من هواة ومحترفين.. ومن المقاهي الاخرى القديمة مقهى (كل وزير) في منطقة الميدان ومقهى الاورفليّة الذي تحول فيما بعد الى سينما السندباد ومقهى (سعيد العبد) ومقهى (حسن عجمي) واخيراً مقهى (عزاوي) المشهورة التي ازدادت شهرة بعد ان ارتادها المطرب نجم الشيخلي واحمد زيدان ومحمد القبانجي ويوسف 
عمر … والاغنية المشهورة (ياكهوتك عزاوي) تم تسجيلها في مقهى عزاوي … وفي الشورجة كانت مقهى (علوان العيشة) التي كان يغني بها صاحبها (علوان) والمطرب (خليل وباز) الذي كان يغني باللغتين العربية والتركية ثمّ تلت ذلك مقاهي النخبة التي يرتادها المفكرون والادباء والاساتذة والشخصيات السياسية والاجتماعية مثل مقهى الشابندر ومقهى البرلمان ومقهى
 الزهاوي.