شروط دورتنا الاقتصادية

اقتصادية 2019/03/01
...

ثامر الهيمص
عالج الاقتصادي البريطاني المعروف جون ماينارد كينز، الكساد الاقتصادي والمالي- بعد الازمة الدورية في الاقتصاد الراسمالي - من خلال تدخل الدولة باقامة المشاريع لتحريك الدورة الاقتصادية الداخلية في بريطانيا؛ وهكذا نشأت حركة اقتصادية مالية من خلال قوة شرائية المال الناجمة عن اجور وارباح وريع المشاريع الجديدة المتفاعلة مع المشاريع القائمة التي ضربها الكساد.        
لا شك ان معاملنا وورشنا ومزارعنا تعاني من كساد ولكن ليس ازمة كلاسيكية في دورة راس المال، فالمشكلة عندنا تسويقية اولا ، وعلينا ان نواجه انفسنا امام هذا التحدي لاسيما ونحن نعلم ان المسبب هو عبارة عن تضافر المرض الهولندي، كمنتج للريع النفطي، مع تقاطع القرار الاقتصادي الوطني.
فالاستيراد عشوائي تدفع اقيامه من البترودولار ليجلب لنا مواد وبضائع تقتل منتجنا الزراعي والصناعي فضلا عن التدفق الدولاري الذي لا يدخل في دورتنا الاقتصادية اي دعم زراعي او صناعي.
الحكومة تسعى الان لوقف النزيف من خلال ادواتها التقليدية (كمارك رسوم ضرائب تسليف زراعي وصناعي) في محاولات لتفعيل حماية المنتج الوطني والمستهلك، فالتدفق الدولاري يذهب في غالبه حسب الموازنة الى التشغيلية وليس الاستثمارية لنشتري المستورد كما تجسده المولات التي تتناسل ولا تبيع المنتج العراقي .
اذن فالدورة الاقتصادية تتكامل خارج الحدود، ولكن تزاحم الجيران الابعد علينا مؤخراً لدخول اسواقنا نستبشر به كرافد استثماري لتكامل اقتصادي مع المشاريع العراقية، لاننا سنراهن على كيفية توجيه الاستهلاك نحو المنتج المحلي لنعيد الحياة لصناعاتنا الوطنية فمن غير المعقول تبذير أكبر موازنة بتاريخنا على الاستيراد .
فالجيران وغيرهم عندما يلمسون اننا ننتج غذائنا ونلبس منسوجاتنا ونستعمل منتجنا الصناعي يشعرون اننا في استقرار ولذلك سيفضلون الاستثمار على التصدير رغم تذبذبات اسعار "الاوبك" ، مايجعلهم يسهمون في استقرارنا حفاظا على مصالحهم وامنهم، وبذلك يترابط كسر الكساد الوطني من خلال عكس دورة الاستيراد نحو الداخل ليوفر لنا استثمارا محليا وخارجيا متكاملا  وتوفيرا في النفقات الدفاعية والامنية الاكثر كلفة من الصحة اوالتعليم او الكهرباء اعمدة التنمية وبنيتها التحتية، كما ان كسر دورة الكساد تعني عمليا ونظريا كسر الفساد الذي نما في الوسط الاستيرادي.
نعتقد ان كسر دورة الكساد يأتي منسجما مع المنهاج الوزاري للحكومة للسنوات الاربع المقبلة  اذ انه في حالة تكامله ونجاحه يصبح خيارا واحدا يكون في تفكيك دورتي الكساد والفساد المتضافرتين، كما سينبغي على الجمعيات والنقابات والاتحادات، كقوى ناعمة خارج الاطر الرسمية،ان تكون فاعلة ومتفاعلة وإلا ستكون الوزارة ومنهاجها لقمة سائغة لعودة تغول المشاكل الاقتصادية بصورة لا نحسد عليها.