الأخت الكبرى...أم صغيرة

اسرة ومجتمع 2019/03/02
...

يونس جلوب العراف
لم تكن نور محمد تتوقع أن تأخذ مكان والدتها في يوم من الأيام، حيث ومع أول يوم أعقب وفاتها بدأت  تتحمّل العديد من الأعباء التي كانت الأم تعمل من خلالها  على مواكبة الحياة الأسرية، حتى أصبحت تنمو لديها غريزة الأمومة مبكرا على الرغم من أنها لم تتجاوز السادسة عشرة من عمرها حينها، الا انها توفقت بمهمتها تلك منذ عشر سنوات لكونها اعتمدت على أساليب وسلوكيات ونصائح كانت تسمعها من الوالدة 
لذلك أصبحت الشخص الأهم في حياة أشقائها الصغار، فهي بمثابة الأم الثانية ويكون لها القبول والتقبل منهم على عكس زوجة الأب التي لا يحبها الأطفال ويعدونها دخيلة عليهم.
تقول نور محمد: إن الأخت الكبرى يجب أن تكون صاحبة شخصية محبوبة من قبل أشقائها، حيث القيام بدور الأم تجاه إخوتها، يتطلب منها التمتع بسمات عديدة، منها القدرة على التضحية، والإحساس بالآخر، والقدرة على التواصل، فضلاً عن قوة الشخصية والمرونة في جميع المواقف لتكون فعلا أما لهم في جميع المواقف التي يمرون بها في حياتهم. 
وأضافت:أن الأخت الكبرى إن أرادت أن تكون بديلة لامها في داخل المنزل يجب أن تتوفر فيها العديد من الصفات وأولها أن تكون قوية، سواء من ناحية البناء النفسي أو المادي، لتستطيع مد يد العون لجميع الموجودين معها داخل المنزل بشكل حقيقي، وان تكون قادرة على التحدي الذي ينتظرها  وان تكون قادرة على اتخاذ القرار  وان تملك الحكمة حتى تتعامل مع إخوتها بمختلف الأعمار، فالتعامل مع الطفل يختلف عن المراهق وعن المريض، فكل مرحلة لها تعامل يختلف عن الأخرى فهي بمثابة حائط الدعم لهم، حيث تتحمّل العديد من الأعباء وتساعدهم على مواكبة الحياة الأسرية.
وأشارت إلى ضرورة أن تكون علاقة الأخت الكبرى شبيهة أحيانا بعلاقة الأم بأبنائها، حيث تغمرهم حنانا وتعمل على راحتهم وتوفر لهم حياة خالية من الهموم والمسؤوليات،فتزرع البسمة على شفاههم فتجلب للأسرة السعادة والمرح، أي أن التعامل معهم يجب أن يكون بأسلوب أقرب إلى الأمومة منه إلى الأخوة.
 
التخلي عن الطموحات
احلام محسن في الرابعة والعشرين من عمرها تقول انه منذ وفاة والدتها تولت مهمة الأم الثانية لأخوتها فتحملت أعباء المنزل، وفي مقابل ذلك تخلت عن بعض طموحاتها التعليمية، حتى تستطيع العناية بأخوتها وتولي مسؤولية الأسرة داخل البيت.
واضافت: أنا الأخت الكبرى في البيت وبالفعل أحس أني الأم الثانية لإخوتي، أسمع منهم، وأحل مشاكلهم على قدر استطاعتي، وجميل أن أكون الأخت الكبرى فطلباتي وأوامري دائماً مجابة. واكدت أنه على الرغم من تنازلها عن مواصلة رحلتها التعليمية الجامعية بسبب توليها مسؤولية أخوتها فإنها تشعر بالسعادة لأنها وقفت بجانب والدتها المريضة، حيث أصبحت تتحمل مسؤوليات الأسرة بأكملها، مبينة أنها مسؤولة عن كل صغيرة وكبيرة، كما أنها الأقرب لإخوتها، كل أسرارهم تمر عليها، وباختصار، الأخت الكبرى في نظري هي الأم الصغرى وهو شعور جميل 
أشعر به دائماً.
 
امرأة لا تخطئ
تؤكد  اخلاص محمود ان دور الأخت الكبرى قد غير حياتي وجعلني أغير الكثير من تصرفاتي والتقليل من حالات العصبية التي كنت أعاني منها وهذه الحالات جعلتني اشعر إنني أمام مسؤولية كبيرة لم أكن أتصور أن أكون في إطارها أو أن أكون قريبة منها، فهي مرهقة بالنسبة لي، وأي تقصير غير مقصود، يثقلني أكثر وارى ان الجميع يطلب مني ان اكون صابرة ومتحملة للظروف .
وأضافت: والدي يسميني أمنا، لذا عليَّ دائماً أن أكون المتفهمة، المقدرة، القوية، وامرأة لا تخطئ وعلى الرغم من ذلك أمر بالعديد من المواقف الصعبة التي تتعبني، وأشعر بأنني أكبر من عمري الواقعي، فأنا اهتم برعاية إخوتي الصغار في غياب أمي، وأهتم بالمنزل، وقد أتعرض أحياناً لمواقف صعبة ومحرجة نتيجة كوني لم أكن أتوقع أن أكون في هذا الموقف الذي لا أتمناه لأي بشر كونه موقفا صعبا بكل ما للكلمة من معنى. وتابعت:ان الأخت الكبرى تحاول دائمًا ما تبعث في من حولها الشعور بالأمان والسكينة، فتارةً تجدها أمًّا ثانيةً تتحمّل أعباء المنزل، وتشارك في تربية الصغار وتساعدهم في دروسهم، وأخرى تقف سندًا لأسرتها في الأزمات، مدركة لأهمية الدور الذي تلعبه داخل الأسرة.
 
يومها العالمي
تقول رحاب كريم عن الأخت الكبرى:قد لا يعرف الكثيرون ان  اليابانيين لديهم احتفال سنوي في السادس من تشرين الثاني يسمى  يوم الأخت الكبرى، حيث يجتمع كل أفراد العائلة لتقديم الهدايا تقديرًا لدورها الفعال في الأسرة  واعترافا منهم بما قدمته تلك الإنسانة إلى أشقائها. وهذه المعلومة أعرفها منذ سنين تقريبا،وتفاجأت من شهر تقريبًا أن عدوى اليابان بخصوص الأخت الكبرى قد أصابت سائر الكوكب، إذ تبين لي أن هناك يوما عالميا اسمه اليوم العالمي للأخت الكبرى.واضافت:قبل ايام تناقشت ولفيف من الأصدقاء شأن الأخت الكبرى، وفوائدها، وإن كانت تستحق يوما عالميا فعلاً، واتفق المجتمعون على حُب أخواتهم الكبيرات، كون الأخت الكبرى في أغلب الأحيان تكون الأم الثانية للبيت حتى لإخوتها الذكور الذين يكبرونها سنًا، وهي بنك تسليف صغير، ومصدر من مصادر التمويل لإخوتها الذين لا يسددون قروضهم الصغيرة! وهي مستشارة من الطراز الرفيع، وكاتمة أسرار، ومصدر ثقة يبعث على الارتياح.
وتابعت:تشكل الأخت الكبرى حالة من المشاعر الإنسانية داخل بيت العائلة، فهي الأنثى التي تلعب أصعب الأدوار في حياة أسرتها، وأحياناً تصبح الأم البديلة لإخوتها الصغار، تنصت لهم، وتحتويهم، وتمد يد العون لمساعدتهم، وبسبب مسؤوليات دورها في الرعاية بأسرتها، قد تغيب حياتها من أمام عينها من دون أن تشعر، وعلى الرغم من أنها قد تكون سعيدة بما حققته من نجاح في إدارة مملكة عائلتها، وصمودها أمام أعاصير كادت تعصف بهم كما يحدث في كثير من الأسر.
 
ميزانية المنزل
رؤى سليم  تقول :إنا الأخت الكبرى لـ 4 من الإخوة، وكنت مضطرة أن اساعد والدتي في تربية إخواني فأقوم بالعمل على نظافتهم وتقديم الوجبات لهم والمذاكرة لهم واحتوائهم، حتى أني بعد أن كبرت قليلا أوكلت لي ميزانية المنزل بحكم أني الكبيرة داخل المنزل ولي كلمة على جميع من يصغرونني.
وأضافت: ان جميع اشقائي وحتى بعد أن كبروا وتزوجوا ما زلت لهم الحضن الدافئ الذي يحتويهم ويقومون بزيارتي والاطمئنان علي كما اقوم بزيارتهم في كل نهاية اسبوع للاطمئنان عليهم ورؤية احتياجاتهم والعمل على حل مشاكلهم .
 
نتائج دراسات
يقول الدكتور فرقد ياسيناستشاري علم النفس ان الدراسة التي قام بها فريق من الباحثين البريطانيين كشفت نتائجها أنّ الفتاة الأكبر من أشقائها سواء البنات أو الذكور تنجح في حياتها أكثر من أشقائها، والدليل على ذلك بحسب الدراسة هي المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وأيضًا هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأميركية السابقة، والمذيعة المعتزلة أوبرا ونفري وكذلك كل من المطربة الشهيرة ليدي غاغا، و بيونسيه.
وأضاف :أنّ الدراسة أظهرت ايضا أنّ طموح الفتاة الكبيرة تتعدى 16 % في طموحات الذكر الأكبر، ويرجع السبب وراء هذا التفوق والنجاح إلى اهتمام الأهل والتضحيات التي يقدمونها لطفلهم الأول والتي تقل تدريجياً مع الطفل الثاني والثالث.